يشهد العالم غدًا السبت ظاهرة فلكية لافتة تتمثل في تساوي ساعات الليل والنهار، وهي محطة طبيعية تتكرر مرتين كل عام لكنها تحمل دلالات مناخية مهمة على بداية التحول بين الفصول.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
وأكد الباحث الفلكي وخبير الأرصاد الجوية الدكتور خالد الزعاق أن هذا التساوي ليس مجرد حدث فلكي، بل مؤشر مباشر على اعتدال درجات الحرارة في معظم أنحاء العالم، حيث تبدأ الأجواء بالخروج من صرامة الصيف نحو اعتدال الخريف.
وأوضح أن الظاهرة تعرف بالاعتدال الخريفي في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، بينما تعني في النصف الجنوبي بداية الاعتدال الربيعي، ما يجعلها نقطة فاصلة بين فصلين متناقضين.
وأشار الزعاق إلى أن دخول الخريف يعد مرحلة انتقالية مهمة، إذ يصفه بأنه الموسم الذي تتهيأ فيه السماء لولادة فصل الشتاء، بما يحمله من برد وموجات هوائية مختلفة.
وبيّن أن هذه الفترة عادة ما تشهد تغيرات جوية مفاجئة وغير مستقرة، إذ تتقاطع الكتل الهوائية الباردة والدافئة، ما يسبب تقلبات في درجات الحرارة من يوم لآخر.
وأضاف أن هذه التقلبات الجوية لا تقتصر آثارها على الطقس فحسب، بل تمتد لتؤثر على صحة الإنسان، حيث تنتشر الأمراض الموسمية مثل نزلات البرد والإنفلونزا.
ولفت إلى أن الاعتدال الخريفي يفتح الباب أمام تراجع طول النهار تدريجيًا، في مقابل ازدياد طول ساعات الليل حتى يحل الانقلاب الشتوي في ديسمبر المقبل.
كما أشار إلى أن هذه الظاهرة ترتبط بحركة الأرض حول الشمس وميل محورها، إذ تتعامد أشعة الشمس في هذا اليوم على خط الاستواء بشكل كامل.
ويعد تساوي الليل والنهار من الظواهر التي أولتها الحضارات القديمة اهتمامًا كبيرًا، إذ اعتمدت عليها في حساب مواسم الزراعة وتحديد بدايات الفصول.
وفي السياق نفسه، يرى خبراء الأرصاد أن هذه المرحلة تمثل بداية التحول المناخي الذي ينعكس على النشاطات الاقتصادية والزراعية وحتى على أنماط الحياة اليومية.
ففي المملكة مثلًا، يشكل الاعتدال الخريفي بداية لانخفاض تدريجي في درجات الحرارة، وهو ما يتيح أجواء أكثر ملاءمة للأنشطة الخارجية.
ويستفيد المزارعون بشكل خاص من هذه التحولات، حيث تبدأ بعض المحاصيل الموسمية بالازدهار في ظل اعتدال الطقس وتراجع درجات الحرارة.
ومع أن الاعتدال يعني تقاربًا بين الليل والنهار، إلا أن هذا التوازن لا يدوم طويلًا، إذ سرعان ما يبدأ الليل في السيطرة تدريجيًا على ساعات اليوم.
ويرتبط الخريف كذلك بظهور ألوان الطبيعة المميزة، إذ تبدأ أوراق الأشجار بالتساقط وتكتسي الغابات والحدائق بدرجات الأصفر والبرتقالي.
كما يشكل هذا الفصل فترة تهيئة نفسية واجتماعية للناس، إذ ينتقلون من حرارة الصيف المرهقة إلى أجواء أكثر اعتدالًا تمهد لقدوم الشتاء.
ويشير الخبراء إلى أن متابعة مثل هذه الظواهر يعزز من وعي الناس بحركة الكون ودقة نظامه، ويؤكد الارتباط الوثيق بين الفلك والمناخ والحياة اليومية.
وفي ظل هذه التحولات، ينصح الأطباء بضرورة توخي الحذر والاهتمام بالصحة خلال الأسابيع الأولى من الخريف، باعتبارها فترة نشاط للأمراض الموسمية.
لتبقى ظاهرة تساوي الليل والنهار علامة فارقة في تقويم الطبيعة، تذكرنا بدورة الفصول المتكررة، وبأن لكل مرحلة مناخية دورها في توازن البيئة واستمرار الحياة.