سجّلت المملكة العربية السعودية إنجازًا جديدًا في قطاع الطيران، بعد إعلان تشغيل أول برج مراقبة افتراضي في مطار العلا الدولي، ليكون الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، وليؤكد ريادة المملكة في تبني أحدث تقنيات إدارة الحركة الجوية بما يعزز من مكانتها كمركز لوجستي عالمي في شمال غرب البلاد.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
ويأتي تشغيل البرج الافتراضي بعد أن منحت الهيئة العامة للطيران المدني رخصة التشغيل لشركة خدمات الملاحة الجوية السعودية، عقب استيفاء جميع متطلبات السلامة والأمان، ليصبح مطار العلا أول مطار في المنطقة تُدار حركته الجوية عن بُعد بشكل كامل.
المشروع ينفذ وفق مذكرة تعاون بين شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية والهيئة الملكية لمحافظة العلا، التي تم توقيعها خلال مؤتمر مستقبل الطيران عام 2022، ليشكل نموذجًا للتكامل المؤسسي بين القطاعات الوطنية في سبيل تطوير البنية التحتية للطيران.
ويتم تشغيل البرج الافتراضي من مركز خاص في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بمدينة جدة، حيث يشرف كوادر سعوديون مؤهلون على إدارة الحركة الجوية في مطار العلا، باستخدام أنظمة متقدمة تتيح مراقبة دقيقة ومتكاملة لحركة الطائرات.
البرج يعتمد على أحدث التقنيات الرقمية، مثل كاميرات عالية الدقة بزاوية 360 درجة، وأجهزة استشعار متطورة، بالإضافة إلى أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على تحليل البيانات بشكل لحظي وتقديم رؤية شاملة للوضع الجوي.
هذه التقنية توفر عدة مزايا، من أبرزها رفع كفاءة المراقبة الجوية، وزيادة مستوى السلامة عبر تحسين انسيابية الحركة الجوية بالاعتماد على بيانات فورية، إلى جانب تعزيز الاستدامة من خلال خفض التكاليف الإنشائية والتشغيلية.
كما يسهم المشروع في تحسين جودة البنية التحتية، وتقليل البصمة الكربونية لعمليات المطار، مما ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في مجالات التحول الرقمي وحماية البيئة.
وزير النقل والخدمات اللوجستية، ورئيس الهيئة العامة للطيران المدني، تفقدا مركز تشغيل البرج الافتراضي واطلعا على كيفية إدارة الأنظمة الرقمية للحركة الجوية عن بُعد، مؤكدين أن هذه الخطوة تمثل تحولًا استراتيجيًا في قطاع الطيران.
رئيس الهيئة العامة للطيران المدني، عبدالعزيز الدعيلج، أكد أن تشغيل البرج الافتراضي يعكس التزام الهيئة بمتطلبات التحول الرقمي، ويعزز تحقيق مستهدفات برنامج الطيران ضمن الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية.
وأوضح الدعيلج أن الهيئة وضعت معايير خاصة لتشغيل هذه التقنية بما يتوافق مع أفضل الممارسات العالمية، كما قامت بترخيص الكفاءات البشرية والبرامج الرقابية لضمان أعلى مستويات الأمان في خدمات الملاحة الجوية.
من جانبه، اعتبر الرئيس التنفيذي لشركة خدمات الملاحة الجوية السعودية، عبدالعزيز الزيد، أن المشروع لا يقتصر على إدخال تقنية جديدة، بل يمثل خطوة استراتيجية نحو بناء مستقبل رقمي مبتكر في قطاع الطيران.
وأشار الزيد إلى أن تشغيل البرج الأول من نوعه في الشرق الأوسط يعكس نقلة نوعية في الكفاءة التشغيلية، ويترجم التزام الشركة ببناء بيئة ذكية ومستدامة تدعم تطلعات القطاع في المرحلة المقبلة.
كما شدد على أن المشروع يأتي ضمن خطة أشمل لتحديث البنية التحتية للطيران في المملكة، وتعزيز مستويات السلامة والكفاءة التشغيلية، إلى جانب الاستفادة من تقنيات متقدمة تقلل من الأثر البيئي لعمليات الطيران.
التجربة السعودية في تشغيل البرج الافتراضي تجعلها ضمن الدول القليلة عالميًا التي تبنت هذه التقنية، وهو ما يعزز من حضورها كدولة رائدة في مجال الابتكار بمجالات الطيران والملاحة الجوية.
ويشكل المشروع خطوة داعمة لتطوير مطار العلا ليكون محطة رئيسية للسياحة العالمية، بالنظر إلى مكانة العلا التاريخية والأثرية، وما تمثله من وجهة سياحية بارزة تستقطب ملايين الزوار.
كما يتماشى تشغيل البرج مع الجهود المستمرة لتحويل العلا إلى مركز لوجستي وسياحي عالمي، يدعم اقتصاد المملكة غير النفطي، ويرسخ من موقعها ضمن خريطة الطيران الإقليمي والدولي.
هذا الإنجاز يفتح المجال لتكرار التجربة في مطارات سعودية أخرى مستقبلًا، خصوصًا في المناطق التي تتطلب حلولًا مبتكرة لإدارة الحركة الجوية دون الحاجة إلى إنشاء أبراج تقليدية مكلفة.
وتواصل شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية (SANS) العمل على تقديم خدمات عالية الكفاءة ترتكز على السلامة والجودة، مع تبني أحدث الابتكارات التقنية التي تساهم في دفع المملكة نحو مستقبل طيران أكثر ذكاءً واستدامة.
وبذلك، يرسخ تشغيل برج المراقبة الافتراضي في مطار العلا مكانة المملكة كوجهة رائدة في عالم الطيران الرقمي، ويؤكد قدرتها على الجمع بين التحديث التقني وتعزيز المكانة السياحية والاقتصادية على حد سواء.