حققت مدينة الدمام إنجازًا لافتًا على مستوى مؤشرات جودة الحياة، حيث جاءت في المرتبة الثانية بين مدن المملكة، والثالثة عربيًا، وفقًا لتصنيف مؤشر "Numbeo" العالمي لعام 2025، وهو ما يعكس صورة إيجابية عن التحولات العمرانية والخدمية التي تشهدها المنطقة الشرقية.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
ويعتمد المؤشر العالمي في نتائجه على حزمة من المعايير المتنوعة التي تلامس حياة الأفراد اليومية، مثل مستويات السلامة العامة، وجودة الرعاية الصحية، وتكلفة المعيشة، بالإضافة إلى نسب الإيجارات مقارنة بالدخل، وأوقات التنقل في الازدحام المروري، فضلاً عن معدلات التلوث والظروف المناخية السائدة.
هذا التقدم لم يأتِ بمعزل عن سياق التحول الوطني الشامل، إذ تُعد جودة الحياة ركيزة أساسية في رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى بناء مدن أكثر حيوية وملاءمة للعيش، عبر تطوير المرافق العامة وتوسيع نطاق الخدمات لتلبية تطلعات السكان والمقيمين.
الدمام التي طالما عُرفت بدورها الصناعي والاقتصادي، باتت اليوم تقدم نموذجًا متكاملًا يجمع بين النمو الاقتصادي وجودة الحياة، مما يمنحها جاذبية إضافية كمركز إقليمي للاستثمار والسياحة، ويساهم في تعزيز مكانتها بين كبرى المدن العربية.
وقد شهدت المدينة خلال السنوات الأخيرة قفزات نوعية في تطوير بنيتها التحتية، بدءًا من الطرق والجسور وصولًا إلى المشاريع الترفيهية والحدائق العامة، وهو ما انعكس إيجابًا على راحة السكان وسلاسة تنقلاتهم اليومية.
كما أن الاهتمام المتزايد بالمساحات الخضراء والمناطق المفتوحة أضاف بُعدًا بيئيًا يحسّن من جودة الهواء ويخفف من مستويات التلوث، في انسجام مع المعايير العالمية للتنمية الحضرية المستدامة.
وفي جانب الصحة، سجلت الدمام تحسنًا ملحوظًا بفضل التوسع في إنشاء المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة، وتبني تقنيات الرعاية الصحية الحديثة التي أسهمت في رفع كفاءة الخدمات وتقليل فترات الانتظار.
أما على صعيد الأمن، فقد انعكست الجهود المبذولة لتعزيز السلامة العامة في انخفاض مستويات الجريمة، مما ساهم في منح السكان شعورًا متزايدًا بالطمأنينة، وهو معيار أساسي في تقييم جودة الحياة عالميًا.
وفي ما يخص تكلفة المعيشة، فإن الدمام تمكنت من تحقيق توازن مقبول بين مستوى الدخل والأسعار، خصوصًا فيما يتعلق بالإيجارات، مما جعلها بيئة جاذبة للمهنيين والعاملين من مختلف الجنسيات.
الحياة الثقافية والترفيهية في المدينة هي الأخرى شهدت تنوعًا لافتًا، مع افتتاح المزيد من المراكز التجارية، والمسارح، والوجهات السياحية، التي توفر للسكان والزوار تجارب غنية ومتعددة الخيارات.
وتبرز مشاريع النقل العام كإحدى أهم الإضافات التي ستغير ملامح الحياة اليومية في الدمام، حيث تسهم في تقليص أوقات التنقل وتخفيف الضغط المروري، بما يعزز معايير الاستدامة الحضرية.
ولا يمكن إغفال دور الموانئ والواجهة البحرية التي تعد رمزًا للمدينة، والتي خضعت لتطويرات متلاحقة جعلت منها عنصر جذب سياحي واستثماري في آن واحد، ما يضيف بعدًا اقتصاديًا وحضاريًا متجددًا.
كما أسهمت الجامعات والمؤسسات التعليمية المتقدمة في تعزيز قيمة الدمام كمركز معرفي، يمد سوق العمل بالكفاءات، ويرسخ مكانتها كمدينة توفر فرصًا واعدة للنمو العلمي والمهني.
هذا التقدم يعكس تكامل الرؤية الحكومية مع طموحات المجتمع، حيث بات المواطن والمقيم على حد سواء يلمس أثر المبادرات النوعية التي تحسّن جودة الحياة وتزيد من ارتباطهم بالمدينة.
الدمام اليوم لم تعد مجرد مدينة صناعية تطل على الخليج العربي، بل باتت رمزًا للتحول الحضري السعودي الحديث، الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة في إطار رؤية مستقبلية واضحة.
ويُتوقع أن تسهم هذه المكانة المتقدمة في تعزيز تنافسية المدينة على الصعيدين الإقليمي والدولي، عبر جذب المزيد من الاستثمارات وتنشيط حركة السياحة الداخلية والخارجية.
كما أن التصنيف الجديد يفتح الباب أمام مزيد من المبادرات التي تسعى لرفع جودة الحياة في مختلف مدن المملكة، ما يخلق بيئة تنافسية إيجابية تصب في صالح الوطن والمواطن.
وبذلك، فإن ما حققته الدمام في مؤشر جودة الحياة لعام 2025 لا يعد إنجازًا محليًا فحسب، بل هو شهادة دولية على نجاح خطط التنمية السعودية، ورسالة بأن مدن المملكة تسير بخطى واثقة نحو المستقبل.