أعلنت شركة أرامكو السعودية عن خطوة استراتيجية جديدة تمثلت في استحواذها على حصة إضافية قدرها 22.5% في شركة رابغ للتكرير والبتروكيميائيات «بترو رابغ» من شركة سوميتومو كيميكال اليابانية، مقابل 702 مليون دولار أمريكي.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
أي ما يعادل نحو سبعة ريالات سعودية للسهم الواحد، لتصبح أرامكو المساهم الأكبر بنسبة تقارب 60%، فيما تحتفظ «سوميتومو» بحصة تبلغ 15%.
ويأتي هذا الاستحواذ ضمن مساعي أرامكو السعودية لتعزيز مكانتها في قطاع التكرير والبتروكيميائيات، وتوسيع حضورها في سلاسل القيمة المضافة، بما يتماشى مع استراتيجيتها طويلة الأمد في تطوير أعمالها وتنويع مصادر الدخل، وتحقيق التكامل الصناعي بين القطاعات المختلفة داخل منظومتها التشغيلية.
وأكدت أرامكو في بيانها أن الصفقة تعكس التزامها القوي تجاه شركائها وشركاتها التابعة، كما تأتي ضمن خططها لتسريع تنفيذ إستراتيجية التكرير والكيميائيات والتسويق، التي تهدف إلى تعزيز التكامل بين قطاعات الأعمال، وتحقيق قيمة أعلى من كل برميل نفط يتم تكريره أو تحويله إلى منتجات متقدمة.
وتسعى أرامكو من خلال هذه الخطوة إلى دعم برنامج التحول الجاري تنفيذه في «بترو رابغ»، والذي يشمل سلسلة من التحديثات المستهدفة للأصول الصناعية، بهدف رفع كفاءة الإنتاج، وزيادة حصة المنتجات ذات الهوامش الربحية العالية، إلى جانب تعزيز موثوقية العمليات التشغيلية للمجمع.
وأوضح النائب الأعلى للرئيس للوقود في أرامكو السعودية، حسين القحطاني، أن شركة بترو رابغ تمثل أحد الأعمدة الرئيسة في منظومة التكرير والكيميائيات والتسويق في المملكة، مشيرًا إلى أن هذا الاستثمار الجديد يجسد ثقة أرامكو في مستقبل الشركة وقدرتها على الإسهام في تعزيز قطاع الصناعة التحويلية الوطني.
وأضاف القحطاني أن الصفقة ستسهم في خلق فرص تكامل جديدة بين الشركتين، من خلال تبادل الخبرات والتقنيات، والعمل على تطوير المنتجات وتحسين المزيج الإنتاجي، بما يعزز من قدرة المملكة على المنافسة في الأسواق الإقليمية والعالمية، ويرسخ مكانتها كمركز صناعي متكامل.
وأشار إلى أن التوسّع في قطاع التكرير والكيميائيات يمثل أحد المحاور الرئيسة لاستراتيجية أرامكو للتحول الشامل، مؤكداً أن الشركة تواصل الاستثمار في المشروعات التي تدعم الابتكار والتنوع الاقتصادي، وتخلق قيمة مضافة مستدامة.
وكانت الصفقة قد أُعلن عنها للمرة الأولى في أغسطس 2024، حين توصلت أرامكو وسوميتومو إلى اتفاق يقضي بضخ استثمارات مشتركة بقيمة 1.4 مليار دولار أمريكي لدعم الملاءة المالية لشركة بترو رابغ، وسداد جزء من التزاماتها المالية، تمهيدًا لمرحلة جديدة من النمو المستقر.
وتتضمن عملية الضخ إصدار أسهم من الفئة «ب» تكتتب فيها أرامكو وسوميتومو بالكامل، ما يتيح ضخ رأس مال جديد في الشركة دون المساس بهيكل الحوكمة القائم أو التأثير في حقوق التصويت الخاصة بالمساهمين الآخرين.
ويهدف هذا الإجراء إلى تمكين «بترو رابغ» من تعزيز قدرتها على التمويل الذاتي، وتوسيع نشاطها الصناعي والتجاري، إلى جانب تحسين مركزها المالي وتحقيق توازن أكبر بين رأس المال والديون القائمة.
كما شملت الصفقة اتفاقًا بين أرامكو وسوميتومو للتنازل عن قروض للمساهمين بقيمة إجمالية بلغت 1.5 مليار دولار أمريكي، جرى تنفيذها على مرحلتين في أغسطس 2024 ويناير 2025، ما أسهم في تعزيز هيكل رأس المال للشركة وتقليص خسائرها المتراكمة.
وتعد بترو رابغ أحد أكبر المشاريع المشتركة في قطاع البتروكيميائيات بالمملكة، إذ تأسست كشراكة بين أرامكو وسوميتومو لتطوير مجمع صناعي متكامل يجمع بين التكرير والإنتاج البتروكيميائي على الساحل الغربي للمملكة، لتزويد الأسواق المحلية والعالمية بمنتجات متنوعة عالية الجودة.
ويُتوقع أن تُسهم الصفقة في دعم خطط المملكة لتوسيع قاعدة الصناعات التحويلية وتطوير الكيماويات المتقدمة، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 الهادفة إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط الخام كمصدر رئيس للدخل.
كما يُنتظر أن تمنح الصفقة بترو رابغ مزيدًا من المرونة في إعادة هيكلة عملياتها التشغيلية، وتحسين الكفاءة الإنتاجية من خلال تبني أحدث التقنيات الصناعية التي تطورها أرامكو في مجالات المعالجة والتحويل.
ويرى محللون أن هذه الخطوة تمثل استثمارًا استراتيجيًا طويل الأمد يعزز التكامل بين أنشطة أرامكو في مجالات النفط والغاز والبتروكيميائيات، ويُظهر التزامها بتعزيز القيمة المحلية المضافة وتطوير الكفاءات الوطنية.
وتُعد هذه الصفقة استمرارًا لنهج أرامكو في توسيع استثماراتها داخل المملكة، ودعم الشركات التابعة لها عبر حلول تمويلية وتشغيلية متكاملة، ما يسهم في بناء منظومة صناعية أكثر استدامة وتنافسية.
ومن المتوقع أن تنعكس آثار هذه الخطوة تدريجيًا على الأداء المالي لشركة بترو رابغ خلال السنوات المقبلة، خاصة مع تحسن الطلب العالمي على المنتجات البتروكيميائية وارتفاع العوائد التشغيلية الناتجة عن تحسين مزيج الإنتاج.
وتجسد هذه الصفقة رؤية أرامكو بعيدة المدى في تطوير قطاع التكرير والبتروكيميائيات كأحد ركائز الاقتصاد الوطني، وتأكيد دورها الريادي في قيادة التحول الصناعي والطاقة المتكاملة في المملكة والمنطقة.