أوضح المحلل المالي محمد الميموني أن ما يشهده السوق السعودي من تراجع في الأيام الأخيرة يأتي امتدادًا طبيعيًا لما حدث في الأسواق العالمية عقب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية، مؤكدًا أن هذا الترابط يعكس حساسية الأسواق المحلية تجاه التحركات الاقتصادية العالمية.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
وأضاف الميموني خلال مداخلة له على قناة «الشرق بلومبيرج» أن التأثيرات الراهنة تحمل في طياتها مخاطر غير منتظمة يصعب التنبؤ بها، حيث تظهر فجأة نتيجة عوامل سياسية أو اقتصادية مفاجئة، ما يؤدي إلى اضطراب مؤقت قبل أن تبدأ الأسواق في عملية تأقلم تدريجية مع المعطيات الجديدة.
وبيّن أن هذه المرحلة من الاضطراب لا تعد استثنائية، إذ اعتادت الأسواق على الدخول في موجات من التقلب عقب الأحداث الكبرى التي تمس السياسات التجارية أو العلاقات بين القوى الاقتصادية العالمية، مشيرًا إلى أن السوق السعودي جزء من هذا النسيج المتكامل.
وأشار الميموني إلى أن المتعاملين في السوق يجب أن ينظروا إلى الإغلاقات اليومية بوصفها المؤشر الحقيقي لاتجاه السوق، وليس إلى التحركات اللحظية التي قد تُضلل أحيانًا، خاصة في فترات التوتر الاقتصادي.
ولفت إلى أن المراقبة الدقيقة لحركة الإغلاق تساعد المستثمرين على قراءة المزاج العام للسوق وفهم مستويات الدعم والمقاومة بشكل أوضح، ما يساهم في اتخاذ قرارات استثمارية أكثر دقة وأقل اندفاعًا.
وأوضح أن التراجعات التي تشهدها الأسواق العالمية لا تعني بالضرورة تراجعًا دائمًا في السوق السعودي، بل قد تحمل فرصًا إيجابية على المدى المتوسط، خصوصًا في ظل تمتع السوق المحلي بعمق مالي وملاءة قوية.
وأضاف أن المستثمرين العالميين عادة ما يبحثون عن أسواق أكثر استقرارًا عندما تشتد التقلبات في الأسواق الكبرى، مما يجعل السوق السعودي وجهة جاذبة لتلك السيولة الباحثة عن الأمان النسبي.
وتابع أن السيولة التي تغادر الأسواق المضطربة قد تجد في السوق السعودي بيئة استثمارية مناسبة بفضل الإصلاحات الاقتصادية ورؤية المملكة 2030 التي عززت من ثقة المستثمرين المحليين والدوليين.
وأكد أن السوق السعودي يتميز بتركيبة متوازنة تجمع بين شركات كبرى في قطاعات الطاقة والبتروكيماويات والاتصالات، إلى جانب قطاعات ناشئة تكتسب زخمًا متزايدًا مثل التكنولوجيا والخدمات المالية.
وأشار إلى أن هذه التنوعات القطاعية تمنح السوق السعودي مرونة في مواجهة الصدمات الخارجية، إذ تسهم في توزيع المخاطر وعدم تركّزها في قطاع واحد.
وأوضح الميموني أن تراجع الأسواق العالمية غالبًا ما يدفع الحكومات إلى مراجعة سياساتها المالية والتجارية، وهو ما قد ينعكس إيجابًا على الأسواق الناشئة إذا تم تخفيف الضغوط الجمركية أو خفض أسعار الفائدة.
وأضاف أن المستثمرين المحليين يجب أن يتعاملوا مع المرحلة الحالية بعقلانية، وألا ينجرفوا وراء موجات البيع العشوائي الناتجة عن الخوف، لأن مثل هذه الفترات تمثل فرصة لإعادة ترتيب المحافظ الاستثمارية.
وبيّن أن بعض الشركات القيادية في السوق السعودي ما زالت تحتفظ بقيمها الجوهرية رغم تراجع الأسعار، وهو ما يتيح فرصًا مغرية للشراء للمستثمرين ذوي النظرة الطويلة.
وشدّد على أهمية قراءة المشهد العالمي بشكل متكامل، لأن السوق السعودي بات مرتبطًا بشكل وثيق بالتوجهات الاقتصادية الدولية، سواء من حيث أسعار النفط أو حركة رؤوس الأموال.
وأشار إلى أن الحفاظ على توازن السوق يتطلب أيضًا استمرار السياسات المالية المنضبطة من قبل الحكومة، والتي أثبتت فعاليتها في حماية الاقتصاد المحلي من الأزمات المتتالية.
وأوضح أن التوجه نحو تنويع مصادر الدخل وتعزيز قطاعات مثل السياحة والتعدين والخدمات اللوجستية يمنح الاقتصاد السعودي قدرة أكبر على مواجهة الصدمات الخارجية.
وأكد الميموني أن الرؤية الإيجابية للسوق السعودي تبقى قائمة على المدى المتوسط والطويل، رغم التقلبات الآنية التي تُعد جزءًا من ديناميكية الأسواق الحديثة.
وختم حديثه بالتأكيد على أن المستثمر الذكي هو من يقرأ الأزمات على أنها فرص، معتبرًا أن السوق السعودي يمر بمرحلة إعادة توازن ستُثمر لاحقًا عن استقرار ونمو مستدامين.