يشير المختص في الذكاء الاصطناعي ماركو مسعد إلى أن المملكة العربية السعودية تسعى بخطى واثقة نحو ترسيخ مكانتها ضمن الدول الرائدة عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي، إدراكًا منها لأهمية هذا القطاع الحيوي في صياغة مستقبل الاقتصاد والسياسة الدولية.
إقرأ ايضاً:"الجوازات" تفاجئ المسافرين إلى دول مجلس التعاون.. هذا ما يجب أن يتوفر قبل المغادرة!"برنامج سكني" يكشف تفاصيل غير متوقعة عن آلية الدعم.. والمستفيدون في حالة ترقب
وأوضح مسعد في مداخلة تلفزيونية مع الإعلامي خالد مدخلي على قناة العربية أن المملكة تنظر إلى الذكاء الاصطناعي باعتباره أحد المحركات الرئيسية للتحول العالمي، وأنه لم يعد حكرًا على المختبرات البحثية أو الجامعات، بل أصبح عنصرًا مؤثرًا في موازين القوى الاقتصادية والعسكرية والعلمية.
وأكد أن السعودية تمتلك مقومات قوية تؤهلها للريادة في هذا المجال، بما في ذلك بنيتها التحتية الرقمية المتطورة، واستثماراتها المستمرة في التقنيات الحديثة، إضافة إلى رؤية 2030 التي جعلت التحول الرقمي في صميم برامجها التنموية.
وأشار إلى أن إدراك القيادة السعودية لأهمية الذكاء الاصطناعي مبكرًا مكّنها من إطلاق مبادرات استراتيجية مثل تأسيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا”، التي تقود جهود بناء منظومة متكاملة للابتكار التقني.
وبيّن أن المملكة تنتهج نهجًا يقوم على الدمج بين البحث العلمي والتطبيق العملي، عبر دعم المشاريع الناشئة واستقطاب المواهب العالمية وتدريب الكفاءات الوطنية في مجالات البيانات والتعلم الآلي والتحليل المتقدم.
ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح اليوم المحرك الأبرز للاقتصاد العالمي، إذ ترتبط به قطاعات الطاقة والنقل والطب والتعليم، ما يجعل الاستثمار فيه مسألة سيادية تحدد موقع الدول في مستقبل التنافس الدولي.
كما شدد على أن المملكة تتعامل مع الذكاء الاصطناعي كأداة لتعزيز التنمية المستدامة وتحقيق الكفاءة في الخدمات الحكومية والقطاع الخاص على حد سواء، وهو ما ينعكس في مبادرات المدن الذكية والمشروعات الضخمة مثل نيوم.
وأشار مسعد إلى أن التحولات الجارية في المملكة لا تقتصر على الجانب التقني فحسب، بل تمتد لتشمل الإطار التشريعي والأخلاقي لاستخدام الذكاء الاصطناعي بما يضمن الشفافية وحماية الخصوصية وتعزيز الثقة المجتمعية.
وأضاف أن هذا الوعي الوطني المتكامل يمنح المملكة موقعًا متقدمًا في الجهود الدولية لتنظيم الذكاء الاصطناعي، خاصة مع مشاركتها الفاعلة في المنتديات العالمية مثل القمة العالمية للذكاء الاصطناعي.
ورأى أن السياسات السعودية تعكس فهماً عميقاً للعلاقة بين الذكاء الاصطناعي والاقتصاد، إذ يُنظر إلى البيانات كمورد استراتيجي يوازي النفط في قيمته المستقبلية، ما يدعم التحول نحو اقتصاد المعرفة.
وأوضح أن المملكة تعمل على خلق بيئة محفزة للبحث والابتكار عبر شراكات دولية مع جامعات ومراكز أبحاث رائدة، مما يسهم في إنتاج حلول مبتكرة تخدم التنمية المحلية والعالمية.
وبيّن أن التركيز على بناء القدرات البشرية الوطنية يمثل حجر الأساس في استراتيجية المملكة، حيث يجري تأهيل جيل جديد من المتخصصين القادرين على قيادة مشاريع الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات.
وأكد أن النجاحات التي تحققها السعودية اليوم في مجالات التحول الرقمي والحوسبة السحابية تعكس استعدادها للانتقال إلى مرحلة متقدمة من التمكين التقني تعتمد على الذكاء الاصطناعي كمحور رئيسي.
كما أشار إلى أن المملكة تدرك أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تكنولوجيا، بل منظومة فكرية جديدة تعيد تعريف طريقة صنع القرار والإدارة والإنتاج، مما يجعل الاستثمار فيه استثمارًا في المستقبل ذاته.
وأضاف أن المملكة من خلال استراتيجيتها الوطنية للذكاء الاصطناعي تسعى إلى تحقيق التوازن بين التطور التقني وحماية الإنسان، بما يتماشى مع قيمها وثقافتها وهويتها الراسخة.
وأوضح أن المملكة تنظر إلى الذكاء الاصطناعي كوسيلة لتعزيز جودة الحياة وتحسين كفاءة الخدمات العامة، وليس فقط كأداة اقتصادية، وهو ما يجعلها تتبنى رؤية شمولية متكاملة.
وأشار إلى أن هذا التوجه يفتح الباب أمام فرص غير مسبوقة للمبتكرين ورواد الأعمال في المملكة للمساهمة في بناء اقتصاد رقمي تنافسي قائم على المعرفة والإبداع.
واختتم مسعد حديثه بالتأكيد على أن المملكة تسير بخطة واضحة نحو أن تصبح مركزًا إقليميًا وعالميًا في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهو هدف يعكس طموحها في أن تكون قوة مؤثرة في رسم مستقبل هذا القطاع عالميًا.