هيئة التراث
"هيئة التراث" تطلق مشروعاً ميدانياً ضخماً.. وهذا ما وجده الخبراء في "واحات الحائط القديمة"
كتب بواسطة: افتكار غالب |

أطلقت هيئة التراث السعودية مرحلة جديدة من جهودها الميدانية في منطقة حائل، حيث بدأت اليوم الاثنين المرحلة الأولى من مشروع واسع لمسح وتوثيق المنشآت الحجرية بالتعاون مع جامعة سيدني الأسترالية، وهو تعاون علمي يعكس توجه المملكة نحو توظيف الشراكات الدولية في خدمة تراثها الوطني.
إقرأ ايضاً:"الهيئة العامة للإحصاء" تفجرها بالأرقام.. قفزة غير متوقعة في الإنتاج الصناعي السعودي"وزارة الحج والعمرة" تطلق تطبيقًا ثوريًا للمؤتمر.. مزايا سيكتشفها الزوار لأول مرة

ويأتي هذا المشروع ليؤكد حرص الهيئة على تحقيق التكامل بين المعرفة الأكاديمية والخبرة الميدانية، إذ يسعى الفريق المشترك إلى دراسة تفاصيل دقيقة عن طبيعة المنشآت الحجرية في المنطقة، وتحليل خصائصها المعمارية والوظيفية، بما يسهم في بناء قاعدة بيانات علمية دقيقة تدعم الدراسات المستقبلية.

وتعد منطقة حائل من أبرز مناطق المملكة التي تزخر بالمواقع الأثرية العريقة، حيث تمتد آثارها إلى آلاف السنين، وتشكل شاهدًا حيًا على تطور الحياة الإنسانية في الجزيرة العربية، ما يجعلها محورًا مهمًا في خريطة التراث الوطني.

وتركز المرحلة الأولى من المشروع على مسح مناطق الشويمس والشملي وواحات الحائط القديمة والحويّط، وهي مواقع تحتضن مجموعة من النقوش والمنشآت التي تعكس تفاعلات الإنسان مع البيئة وتطوره العمراني عبر العصور.

ومن المتوقع أن يوفر هذا المسح الميداني معلومات تفصيلية حول أنماط البناء وأساليب استخدام الحجارة المحلية، وهو ما يفتح الباب أمام دراسات مقارنة بين المواقع التراثية في المملكة ونظيراتها في مناطق أخرى من العالم.

ويعكس التعاون مع جامعة سيدني الأسترالية اهتمام هيئة التراث بتعزيز البعد العلمي في مشروعاتها، حيث يشترك خبراء من الجانبين في تحليل النتائج وتطوير منهجيات توثيق متقدمة تتوافق مع المعايير الدولية في حفظ التراث.

كما يهدف المشروع إلى رفع مستوى الوعي بأهمية المنشآت الحجرية باعتبارها جزءًا من الذاكرة التاريخية للمملكة، ووسيلة لفهم أعمق لتطور المجتمعات القديمة التي عاشت في تلك المناطق.

وتسعى هيئة التراث من خلال هذا العمل إلى ربط الماضي بالحاضر، عبر إبراز الدور الحضاري للمملكة في تاريخ الإنسانية، وتعزيز الفخر الوطني بالمنجزات التاريخية التي تحتضنها أرضها.

وتعد منطقة الشويمس على وجه الخصوص من أغنى مناطق المملكة بالنقوش الصخرية التي سجلت ملامح الحياة القديمة، وهو ما يجعلها أحد أهم المواقع المرشحة للإدراج ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.

أما منطقة الحائط بواحاتها القديمة فتتميز بتنوعها البيئي والجغرافي، مما أتاح عبر العصور استيطان الإنسان فيها وبناء منشآت حجرية فريدة تمثل نماذج لتكامل العمارة مع الطبيعة.

ويشكل هذا المشروع خطوة أساسية ضمن خطة وطنية شاملة تهدف إلى توثيق جميع المواقع الأثرية في المملكة باستخدام أحدث التقنيات الرقمية والتصوير الجوي والتحليل الجيولوجي.

ومن المنتظر أن تسهم نتائج المسح في وضع استراتيجيات جديدة للحفاظ على المواقع التراثية وصيانتها، وضمان استدامتها للأجيال القادمة كجزء من الهوية الثقافية السعودية.

وتعمل هيئة التراث على إشراك المجتمعات المحلية في أعمال التوثيق، تعزيزًا لدورها كشريك أساسي في حماية الإرث الوطني، وتأكيدًا على أهمية التفاعل الشعبي في حفظ الذاكرة التاريخية.

ويمثل المشروع أيضًا فرصة لتدريب الكوادر الوطنية الشابة على أساليب البحث الأثري الحديثة، وإكسابهم الخبرة العملية في مجالات المسح والتحليل الميداني والتوثيق العلمي.

ويعكس ذلك توجه المملكة نحو بناء قاعدة بشرية مؤهلة في قطاع التراث، قادرة على قيادة مشروعات الحفظ المستقبلية بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.

كما يأتي هذا المشروع استكمالًا لعدد من المبادرات التي أطلقتها الهيئة في مختلف المناطق، مثل مشاريع توثيق النقوش الصخرية في تبوك والعلا والجوف، ما يكوّن خريطة شاملة للتراث المادي السعودي.

وتبرز هذه الجهود التزام المملكة بالمعايير الدولية في حفظ التراث، وسعيها لترسيخ مكانتها على الساحة العالمية كمركز حضاري يمتلك إرثًا تاريخيًا متنوعًا ومؤثرًا.

ويختتم المشروع مرحلته الأولى بوضع أسس علمية لتوسيع نطاق المسح ليشمل مواقع إضافية في المراحل القادمة، ما يضمن استدامة العمل الميداني واستمرارية التوثيق كنهج مؤسسي في حماية التراث الوطني.

أحدث الأخبار
اخر الاخبار