هكذا أعادت العناية بالحرمين الطمأنينة لقلوب التائهين.
بكل لغات العالم .. هكذا أعادت العناية بالحرمين الطمأنينة لقلوب التائهين
كتب بواسطة: سماء سالم |

بكل هدوء واحترافية، تقف الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في صفوف الخدمة، مستقبلة ضيوف الرحمن بابتسامة واهتمام، لتكون الدليل الأول عند ضياع الطريق أو التباس المسار في زحام الشعائر.
إقرأ ايضاً:"جامعة أم القرى" تطلق ملتقى غير مسبوق.. مفاجآت حول "الصحة النفسية" في الأزمات والكوارث"الابن يسير على خطى الأسطورة".. استدعاء جونيور رونالدو لمنتخب البرتغال تحت 16 عام

ومع بدء توافد الحجاج من شتى بقاع الأرض، لم يعد حاجز اللغة عائقًا، إذ يتولى مرشدون يتحدثون بعدة لغات مسؤولية استقبال التائهين في مداخل المسجد الحرام، وفي أروقته الواسعة التي يعبرها الملايين.

والخدمة لا تكتفي بالكلمات والإشارات، بل تمتد لتسجيل بيانات الحاج التائه رقميًا عبر تطبيق "إرشاد التائه"، الذي يعمل على مدار الساعة، في كل وقت من الليل والنهار، دون انقطاع.

ولا يقتصر الإرشاد على تحديد الوجهة فحسب، بل يشمل توجيه الحاج بدقة إلى الأبواب المناسبة، والمخارج، وصحن المطاف، والمسعى، بما يضمن استمرار الشعائر دون قلق أو ارتباك.

وقد خصصت الهيئة أيضًا فرقًا مدرّبة للتعامل مع الأطفال التائهين، ترافقهم بحنان وصبر، وتنقلهم إلى مكاتب الإرشاد المنتشرة داخل المسجد الحرام، لحين لمّ الشمل بأمان.

وفي ظل الزحام الذي لا ينقطع، تبرز التكنولوجيا كعنصر مساند، من خلال خرائط تفاعلية يمكن الوصول إليها بسهولة عبر الباركودات الإلكترونية، تتيح للحاج التنقل بأمان داخل ساحات الحرم.

ويعتبر الإرشاد اللغوي هو أحد أبرز ملامح هذه الخدمة، حيث يضم الفريق مرشدين يتحدثون بلغات آسيوية، وأفريقية، وأوروبية، لضمان أن كل حاج يفهم ويُفهَم دون عناء.

فالحاج حين يُستقبل بهذه الرعاية، يشعر بأنه ليس تائهًا في المكان، بل هو في قلب منظومة تضع راحته وسلامته أولًا، وتتعامل مع حالته باعتبارها أولوية فورية لا تحتمل التأخير.

ولا يتوقف الاهتمام عند حدود الإرشاد، بل يشمل التطمين النفسي، والإجابة على الاستفسارات، وطمأنة ذوي الحاج التائه، مما يحوّل لحظة القلق إلى تجربة امتنان.

ويذكر أن مكاتب الإرشاد ليست أماكن انتظار فحسب، بل هي محطات إنسانية، حيث يُحتوى فيها الحاج، ويُعامَل باحترام، وتُلبى حاجاته حتى قبل أن يُفصح عنها.

وتحرص الهيئة على أن تكون هذه الخدمة نموذجًا للتكامل بين الإنسانية والتقنية، من خلال دمج الحلول الذكية بالرعاية المباشرة، ليصبح الإرشاد أكثر فعالية وأقل ارتباكًا.

وفي كل زاوية من زوايا الحرم، هناك من يقف مستعدًا ليعيد الحاج إلى طريقه، دون أن يشعر بالخجل أو الضياع، بل بالكرامة والرعاية التي تليق بمكانته كزائر لبيت الله.

وهذا الجهد المتكامل ليس جديدًا، بل هو ثمرة خبرة تراكمية طويلة، تجددها الهيئة عامًا بعد عام، وتطورها بما يتناسب مع أعداد الحجاج، وتنوع جنسياتهم، واحتياجاتهم المتغيرة.

وفي النهاية، يبدو الحرم الشريف ليس فقط بيتًا للعبادة، بل حاضنة رحمة تُساق إليها القلوب من كل فج عميق، مطمئنة أن هناك من يرشدها إذا ما ضاعت، ويوصلها إذا ما تأخرت، ويحتضنها إذا ما احتاجت.

أحدث الأخبار
اخر الاخبار