بدأت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية، بالتعاون مع المجلس الوطني للسلامة والصحة المهنية، اليوم الأحد، تطبيق قرار حظر العمل تحت أشعة الشمس على جميع منشآت القطاع الخاص.
إقرأ ايضاً:"جامعة أم القرى" تطلق ملتقى غير مسبوق.. مفاجآت حول "الصحة النفسية" في الأزمات والكوارث"الابن يسير على خطى الأسطورة".. استدعاء جونيور رونالدو لمنتخب البرتغال تحت 16 عام
في خطوة تهدف إلى تعزيز سلامة العمال والحد من المخاطر الصحية المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف.
ويُطبق القرار اعتبارًا من الساعة 12 ظهرًا حتى الساعة 3 مساءً يوميًا، ابتداءً من 19 ذو الحجة 1446 هـ الموافق 15 يونيو 2025م، وحتى يوم 23 ربيع الأول 1447 هـ الموافق 15 سبتمبر 2025م.
ويشمل القرار جميع العاملين في منشآت القطاع الخاص في المناطق المكشوفة التي تتعرض مباشرة لأشعة الشمس.
وقد أكدت وزارة الموارد البشرية أن هذا القرار يأتي في إطار التزامها بتوفير بيئة عمل آمنة وصحية للعاملين، خصوصًا في المهن التي تتطلب العمل في الأماكن المكشوفة، حيث ترتفع فيها درجات الحرارة لمستويات قد تشكل خطرًا مباشرًا على الصحة، وقد تؤدي إلى الإجهاد الحراري أو ضربة الشمس، وما يصاحبها من مشكلات صحية حادة.
وأضافت الوزارة أن تنفيذ هذا القرار يندرج ضمن جهودها المستمرة لتطوير بيئة العمل في المملكة ورفع معايير السلامة المهنية، تماشيًا مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، والتي تولي العنصر البشري أهمية قصوى بوصفه المحرك الأساسي لعجلة التنمية الاقتصادية.
ودعت وزارة الموارد البشرية أصحاب المنشآت والمقاولين إلى ضرورة تنظيم ساعات العمل اليومية وفقًا لما نص عليه القرار، بما يضمن عدم تكليف العمال بأداء أي مهام في ساعات الحظر المحددة، وشددت على أهمية التخطيط الجيد للمهام اليومية وتوزيعها على فترات اليوم التي تكون فيها درجات الحرارة في الحدود المقبولة.
كما أكدت الوزارة أنها ستكثف من جولاتها التفتيشية الميدانية بالتعاون مع الفرق الرقابية، لرصد أي تجاوزات أو مخالفات قد يتم ارتكابها، وسيتم تطبيق العقوبات النظامية بحق المنشآت غير الملتزمة، كما وفرت الوزارة قنوات إلكترونية ووسائل تواصل لاستقبال الشكاوى والملاحظات حول أي تجاوزات.
ومن جهته، أوضح المجلس الوطني للسلامة والصحة المهنية أن القرار يستثني بعض الحالات والمهن التي تتطلب الضرورة استمرار العمل فيها خلال ساعات الحظر، مثل القطاعات الحيوية وخدمات الطوارئ والمشاريع التي يتعذر تنفيذها في أوقات أخرى.
على أن تتخذ هذه الجهات كافة التدابير الوقائية اللازمة، وتوفير وسائل الحماية الشخصية للعاملين، وتقديم الاستراحات والمياه، والتأكد من وجود التهوية الكافية.
وأكد المجلس أن على الجهات المستثناة تقديم ما يثبت حاجة العمل خلال ساعات الحظر، وأن تكون هذه الأعمال تحت رقابة مشددة تضمن عدم تعرض العمال لأي خطر صحي.
ويأتي هذا القرار في وقت تشهد فيه مناطق واسعة من المملكة ارتفاعًا شديدًا في درجات الحرارة، إذ تتجاوز في بعض المناطق الحدود المعروفة للصيف المعتاد، ما يرفع من احتمالية الإصابة بالأمراض المرتبطة بالتعرض المباشر لأشعة الشمس.
وكانت المملكة قد بدأت تطبيق هذا القرار للمرة الأولى عام 2011، إلا أن الوزارة تؤكد سنويًا على أهمية تحديث آليات الرقابة والامتثال، في ظل التغيرات المناخية المستمرة وازدياد أعداد العاملين في مشاريع البنية التحتية والإنشاءات المكشوفة.
وقد لاقى القرار تفاعلًا إيجابيًا من المهتمين بحقوق العمال ومنظمات السلامة المهنية، حيث وصف عدد من المختصين القرار بأنه "خطوة ضرورية" تعكس وعي الجهات الرسمية بأهمية حماية العنصر البشري في بيئة العمل، لا سيما في ظل طبيعة المناخ في المملكة خلال فصل الصيف.
وقال الدكتور فهد السبيعي، استشاري الصحة المهنية، إن تطبيق حظر العمل في الظهيرة خلال أشهر الصيف لا يقل أهمية عن باقي إجراءات السلامة، مؤكدًا أن ضربات الشمس والإجهاد الحراري من المخاطر الكبرى التي تهدد حياة العمال إذا لم تتم إدارتها بفعالية.
ومن جهته، قال العامل سعيد مرزوق، وهو يعمل في أحد مواقع الإنشاءات بالرياض: "نحن نشعر بارتياح كبير لهذا القرار، لأنه يعكس اهتمام الدولة بصحتنا، العمل في الحر الشديد كان مرهقًا، ونشكر الوزارة على هذا التنظيم".
ولتفعيل القرار على نحو أفضل، أطلقت الوزارة حزمة من التوجيهات الإرشادية التي يجب على أصحاب العمل اتباعها، من بينها: جدولة الأعمال الخارجية في فترات الصباح الباكر أو بعد العصر.
وكذلك توفير استراحات مظللة ومبردة، وتقديم كميات كافية من المياه المبردة، وتدريب العاملين على التعرف على علامات ضربة الشمس والإجهاد الحراري، وإعداد خطط طوارئ للتعامل مع الحالات الطارئة.
ويمثل قرار حظر العمل تحت أشعة الشمس رسالة واضحة من الجهات الرسمية بأهمية الالتزام بمعايير البيئة الآمنة، وضرورة تحمل أصحاب العمل لمسؤولياتهم تجاه سلامة الأفراد، خاصة في القطاعات التي تعتمد على الجهد البدني والعمل الميداني.
وبينما تتجه المملكة نحو تنمية اقتصادية طموحة تتطلب مساهمة كل فرد من أفراد المجتمع، فإن ضمان بيئة عمل صحية وآمنة يبقى حجر الأساس في تحقيق الإنتاجية والرفاه، ويعكس صورة حضارية عن سوق العمل السعودي.