تجسيدًا لدورها الإنساني الرائد الذي يتجاوز حدود الجغرافيا والقارات، يواصل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية جهوده الدولية، مقدمًا نموذجين مختلفين من العطاء، أحدهما في قلب أوروبا والآخر في اليمن، ليؤكد بذلك على شمولية رسالته وعمق تأثيرها.
إقرأ ايضاً:"جامعة أم القرى" تطلق ملتقى غير مسبوق.. مفاجآت حول "الصحة النفسية" في الأزمات والكوارث"الابن يسير على خطى الأسطورة".. استدعاء جونيور رونالدو لمنتخب البرتغال تحت 16 عام
ففي مدينة جيشوف بجمهورية بولندا، دشن المركز مؤخرًا مشروعًا طبيًا تطوعيًا، يهدف إلى تركيب الأطراف الصناعية للاجئين الأوكرانيين الذين فقدوا أطرافهم، في مبادرة نوعية تهدف إلى إعادة الأمل، ومساعدة هؤلاء المتضررين على استعادة قدرتهم على الحركة وممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
ويقوم على تنفيذ هذا المشروع، الذي يستمر على مدى أسبوع كامل، فريق طبي متخصص يتألف من سبعة متطوعين، باشروا أعمالهم بالفعل منذ انطلاق الحملة، ونجحوا في تركيب أطراف صناعية لتسعة مستفيدين حتى الآن، في سباق مع الزمن لتخفيف معاناة أكبر عدد ممكن.
إن هذا المشروع لا يمثل مجرد مساعدة طبية، بل هو رسالة تضامن إنساني عميقة، وعمل جراحي دقيق يعيد للمستفيدين جزءًا أساسيًا من حياتهم، ويمنحهم القدرة على الاعتماد على أنفسهم من جديد، وهو ما يمثل جوهر العمل الإنساني النوعي والمستدام الذي يتبناه المركز.
وبينما كانت أيادي العطاء السعودية تداوي الجراح في بولندا، كانت على موعد آخر في اليمن، ولكن هذه المرة في ميدان التعليم، حيث وقع المركز أمس، عبر الاتصال المرئي، اتفاقية تعاون مشترك مع إحدى مؤسسات المجتمع المدني اليمنية.
وتهدف هذه الاتفاقية، التي وقعها مساعد المشرف العام على المركز للعمليات والبرامج المهندس أحمد بن علي البيز، إلى دعم العملية التعليمية للأطفال المتأثرين بالنزاع المسلح في مديريتي الحوطة وتبن بمحافظة لحج، في مشروع ضخم سيستفيد منه آلاف الأطفال.
ويقدم هذا المشروع نموذجًا للتدخل الشامل والمتكامل، فهو لا يقتصر على جانب واحد، بل يعالج كافة التحديات التي تواجه الأطفال في طريقهم إلى التعليم، بدءًا من حملات التوعية بأهمية التعليم، وتوزيع الحقائب والزي المدرسي، وحقائب النظافة الشخصية.
ويمتد الدعم ليشمل الجانب النفسي والاجتماعي، من خلال برامج متخصصة تهدف إلى مساعدة الأطفال على تجاوز الصدمات النفسية التي تعرضوا لها، وتوفير بيئة تعليمية آمنة وداعمة لهم، بالإضافة إلى تسهيل خدمات الإحالة للحالات التي تتطلب رعاية خاصة.
ولضمان استدامة المشروع، تتضمن الاتفاقية برامج لبناء قدرات المتطوعات في مجال التعليم، وتزويد المعلمين والمعلمات بالأدوات والوسائل التعليمية الحديثة، وتأمين كافة المستلزمات التي تحتاجها الفصول الدراسية، مثل الطاولات والكراسي والمستلزمات الرياضية والإسعافات الأولية.
كما أن المشروع لن يغفل عن البنية التحتية، حيث سيتم إعادة تأهيل عدد من الفصول الدراسية في المدارس المستهدفة، لتكون بيئة جاذبة ومناسبة لاستقبال الطلاب، وتشجيعهم على مواصلة رحلتهم التعليمية التي تعد السلاح الأقوى لبناء مستقبلهم.
إن تنفيذ هذين المشروعين المختلفين في طبيعتهما وموقعهما، ولكنهما يتحدان في الهدف، وهو خدمة الإنسان، يعكس الاستراتيجية الشاملة التي تعمل من خلالها المملكة عبر ذراعها الإنساني، مركز الملك سلمان للإغاثة، للاستجابة للأزمات المتعددة حول العالم.
وتأتي هذه المبادرات لتؤكد على أن المملكة العربية السعودية لا تكتفي بتقديم المساعدات الإغاثية العاجلة، بل تستثمر أيضًا في مشاريع تنموية مستدامة، تهدف إلى تعزيز جودة الحياة في مجالي الصحة والتعليم، ودعم الفئات الأكثر احتياجًا في مناطق الأزمات.
في المحصلة النهائية، وبينما يعود الأمل لمبتور طرف في بولندا، يفتح باب المستقبل أمام طفل في اليمن، لتروي كل مبادرة من هذه المبادرات قصة عطاء سعودي لا يتوقف، ورسالة إنسانية نبيلة، تؤكد على أن المملكة ستبقى دائمًا سندًا وعونًا لكل محتاج في هذا العالم.