كشفت النيابة العامة عن حالة استثنائية ينص عليها النظام الجزائي لجرائم التزوير، تُعفى فيها العقوبة عن مرتكب الجريمة، وذلك في سياق جهود المملكة لتعزيز مبادئ العدالة وتحقيق الردع العام والخاص.
إقرأ ايضاً:"جامعة أم القرى" تطلق ملتقى غير مسبوق.. مفاجآت حول "الصحة النفسية" في الأزمات والكوارث"الابن يسير على خطى الأسطورة".. استدعاء جونيور رونالدو لمنتخب البرتغال تحت 16 عام
مع فتح المجال أمام من تورطوا في مثل هذه الجرائم للرجوع عن أفعالهم والتعاون مع الجهات المختصة في كشف الحقائق وملاحقة الجناة الآخرين.
وأوضحت النيابة أن الإعفاء من العقوبة لا يُمنح بصورة مطلقة، بل يرتبط بشروط واضحة نصّ عليها النظام، أبرزها أن يبادر الجاني بالإبلاغ عن الجريمة من تلقاء نفسه، قبل أن تُكتشف من قبل السلطات المختصة أو قبل أن يتم استخدام المحرّر المزوَّر.
وتُمنح المحكمة المختصة، في هذه الحالة، صلاحية إصدار حكم قضائي بالإعفاء، في خطوة تعكس التوازن بين تحقيق العدالة ومكافأة التعاون مع الجهات القضائية والرقابية.
وأضافت النيابة أن الإعفاء قد يشمل أيضاً من لم يبادر قبل اكتشاف الجريمة، إذا قام بعد ضبطها بالإرشاد عن بقية المتورطين وسهّل القبض عليهم.
مؤكدة أن هذا النص النظامي يحمل في طياته بعدًا إصلاحيًا، ويُعد من الأدوات التي تُسهم في الوصول إلى الشبكات الأكبر المتورطة في جرائم التزوير، وتفكيكها بطريقة فعّالة.
وهو ما يُعزز من قدرة الجهات الأمنية والقضائية على تتبّع مسارات الجريمة وملاحقة من يقف خلفها، لا سيما في الجرائم المنظمة والمتعددة الأطراف.
كما بيّنت النيابة العامة أن هذا التوجه يأتي ضمن منظومة متكاملة تستهدف حماية الثقة في الأوراق الرسمية والمحرّرات النظامية، لما تمثّله من أهمية بالغة في التوثيق القانوني والمعاملات الإدارية والمالية.
وتُعد جريمة التزوير من الجرائم الجسيمة التي تؤثر في النظام العام، وتشكل تهديدًا مباشرًا للنزاهة والشفافية، وتستوجب مواجهتها بصرامة قانونية، مع إتاحة الفرصة في الوقت ذاته للتعاون من داخل الجريمة ذاتها.
وتُشير النيابة إلى أن القوانين والأنظمة في المملكة لا تكتفي بالملاحقة والمعاقبة فقط، بل تمنح مساحة للندم والتوبة، وتتيح فرصًا للتراجع وتصحيح المسار، في حال توفر النية الصادقة والإرادة الحقيقية للتعاون مع العدالة.
وتُعد هذه السياسة القانونية من الوسائل الذكية التي تمكّن السلطات من توسيع دائرة الوصول إلى المتهمين الرئيسيين، خاصة في القضايا التي تتشابك فيها المصالح وتتعدد فيها أدوار المشاركين.
وتؤكد النيابة العامة أن المجتمع شريك أساسي في مكافحة جرائم التزوير، من خلال الإبلاغ عن أي شبهات أو ممارسات غير قانونية تتصل بالمستندات الرسمية أو البيانات المعتمدة.
داعية جميع المواطنين والمقيمين إلى التعاون وعدم التهاون مع مثل هذه الجرائم، لما لها من آثار ضارة على المؤسسات والأفراد على حد سواء.
ويأتي هذا التوضيح من النيابة العامة تأكيدًا لنهج الشفافية في توعية المجتمع، وتحقيق الردع مع إتاحة الفرصة لمن أقدم على التزوير ليصحح خطأه قبل أن تستفحل العواقب القانونية، في ظل منظومة عدلية حديثة تراعي الردع والعدل والإصلاح في آنٍ واحد.