كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة ماكماستر الكندية عن نتائج غير متوقعة أعادت الجدل حول العلاقة بين اللحوم والصحة العامة، حيث أوضحت أن البروتينات الحيوانية قد تحمل فوائد وقائية ضد الوفيات الناجمة عن السرطان، في وقت ساد فيه الاعتقاد أن استهلاك اللحوم يرتبط بزيادة المخاطر الصحية.
إقرأ ايضاً:"جامعة أم القرى" تطلق ملتقى غير مسبوق.. مفاجآت حول "الصحة النفسية" في الأزمات والكوارث"الابن يسير على خطى الأسطورة".. استدعاء جونيور رونالدو لمنتخب البرتغال تحت 16 عام
وأشارت الدراسة إلى أن تناول اللحوم لا يزيد من احتمالية الوفاة بأي سبب، بل قد يسهم في تقليل معدل الوفيات المرتبطة ببعض أنواع السرطان، وهو ما اعتبره الباحثون نقطة تحول في فهم دور البروتين الحيواني في النظام الغذائي.
واعتمد البحث على تحليل شامل لبيانات أكثر من ستة عشر ألف شخص بالغ تمت متابعتهم لسنوات طويلة، حيث لم يجد القائمون على الدراسة أي صلة مباشرة بين استهلاك البروتين الحيواني أو النباتي وبين ارتفاع نسب الوفاة.
وأوضحت النتائج أن هناك انخفاضًا ملحوظًا في نسب وفيات السرطان بين الأشخاص الذين اعتمدوا على البروتين الحيواني ضمن وجباتهم، بينما كان أثر البروتين النباتي على هذا الجانب محدودًا للغاية، وهو ما يعزز فرضية أن مصادر البروتين ليست متساوية في تأثيرها الصحي.
وفي بيان صحفي صادر عن الجامعة، أكدت النتائج أن هذه المعطيات الجديدة تتسق مع الأدلة السريرية المتراكمة عبر عقود، والتي طالما أشارت إلى أن البروتينات الحيوانية يمكن أن تكون جزءًا من نمط غذائي متوازن وصحي.
من جانبه، أوضح البروفيسور ستيوارت فيليبس المشرف على البحث أن الدراسة تضيف وضوحًا مهمًا لصورة لطالما كانت محاطة بالجدل، مبينًا أن الكثير من الناس يعيشون حالة ارتباك فيما يتعلق بالبروتين، وأن هذه النتائج تمنحهم رؤية أوضح لاتخاذ قرارات غذائية واعية.
أما الباحث الرئيسي ياني بابانيكولاو، فأكد أن التحليل المتعمق للبيانات السريرية والرصدية يظهر أن الأطعمة الغنية بالبروتين، سواء كانت حيوانية أو نباتية، تعزز الصحة العامة وتطيل العمر، غير أن تأثير البروتين الحيواني بدا أكثر وضوحًا في تقليل مخاطر الوفاة بالسرطان.
وأفادت الدراسة التي نُشرت في مجلة علمية متخصصة أن استخدام أساليب بحث دقيقة على المدى الطويل ساعد في تقديم صورة علمية شاملة حول تأثير العادات الغذائية على الصحة، مما يرفع من مصداقية النتائج.
ورغم أن النتائج جاءت داعمة للبروتين الحيواني، إلا أن الخبراء شددوا على أهمية الاعتدال والتوازن في تناول جميع أنواع الأطعمة، محذرين من أن الإفراط قد يقلب الفوائد إلى أضرار صحية على المدى البعيد.
كما لفتت الدراسة الانتباه إلى أن عوامل أخرى مثل نمط الحياة ومستوى النشاط البدني وجودة النظام الغذائي بشكل عام تبقى مؤثرة في تحديد المخاطر الصحية، ما يعني أن البروتين وحده ليس العامل الحاسم.
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين اتبعوا أنماطًا غذائية صحية متكاملة شملت البروتين الحيواني والنباتي إلى جانب الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة، كانوا أكثر حظًا في التمتع بصحة أفضل وعمر أطول.
وأشار القائمون على الدراسة إلى أن النتائج لا تعني أن البروتين النباتي غير مهم، بل على العكس، فإنه يشكل عنصرًا رئيسيًا في تعزيز المناعة وصحة القلب، لكن الفارق ظهر في ارتباط البروتين الحيواني بشكل أوضح بخفض مخاطر السرطان.
ويرى الخبراء أن هذه النتائج قد تغيّر طريقة تفكير الكثيرين ممن تجنبوا اللحوم لفترات طويلة بسبب المخاوف الصحية، حيث باتت الصورة أكثر وضوحًا حول دورها في التغذية.
وتبقى هذه الدراسة خطوة جديدة نحو إعادة تقييم النظرة التقليدية للتغذية، إذ تعكس أهمية الدمج بين مختلف مصادر البروتين لتحقيق التوازن المطلوب لصحة الجسم على المدى الطويل.