نفذت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية خلال الأشهر الماضية أكثر من سبعة عشر ألف زيارة ميدانية على منشآت القطاع الخاص في مختلف مناطق المملكة، وذلك من أجل متابعة تطبيق قرار حظر العمل تحت أشعة الشمس الذي بدأ في الخامس عشر من يونيو الماضي ويستمر حتى منتصف سبتمبر، وأسفرت هذه الجولات عن رصد ما يقارب ألف وتسعمائة وعشر مخالفات للمنشآت التي لم تلتزم بتطبيق القرار.
إقرأ ايضاً:"الابن يسير على خطى الأسطورة".. استدعاء جونيور رونالدو لمنتخب البرتغال تحت 16 عام"صيد ثمين" لـ "نزاهة" في أكبر حملة رقابية.. إيقاف 17 موظف ومقيم في جرائم فساد
وأكدت الوزارة في بيانها أن القرار يهدف إلى حماية العمالة الميدانية من المخاطر الصحية المرتبطة بالتعرض المباشر لأشعة الشمس خلال ساعات الذروة، حيث يمنع تشغيلهم في المواقع المكشوفة من الساعة الثانية عشرة ظهرًا وحتى الساعة الثالثة مساءً، وهو ما يعكس التزام المملكة بتطبيق معايير السلامة والصحة المهنية ضمن بيئة عمل إنسانية وآمنة.
وأوضحت أن فرق التفتيش رصدت مخالفات متفرقة شملت قطاعات المقاولات والإنشاءات وبعض الأنشطة الأخرى التي تعتمد على العمل المكشوف، مشيرة إلى أن العقوبات طُبقت وفق الأنظمة المعمول بها، كما تم إلزام المنشآت المخالفة بتصحيح أوضاعها بما يتماشى مع لوائح العمل المنظمة.
وكشفت الموارد البشرية أنها استقبلت منذ انطلاق القرار أكثر من ثلاثمائة بلاغ من المواطنين والمقيمين بشأن احتمالية وجود مخالفات في بعض مواقع العمل، وتم التعامل مع جميع البلاغات في فترات زمنية قصيرة من خلال الفرق المختصة، ما يعكس الوعي المتزايد بدور المجتمع في دعم جهود الرقابة.
وأشارت الوزارة إلى أن هذه الحملات الرقابية لم تقتصر على التفتيش فقط، بل رافقها نشاط توعوي مكثف من خلال نشر رسائل إعلامية عبر المنصات الرسمية ومواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى توزيع مطويات وأدلة إرشادية تستهدف أصحاب العمل والعمال على حد سواء، وذلك لزيادة الوعي بأهمية الالتزام بالقرار.
وأكدت أن الحملات التوعوية ساعدت على رفع مستوى الثقافة الوقائية لدى العاملين، حيث أوضحت طرق الوقاية من الإجهاد الحراري وبيّنت الإجراءات التي ينبغي اتباعها لضمان سلامة العامل أثناء فترات العمل الطويلة، وهو ما ساهم في تقليل حالات التجاوز مقارنة بالسنوات الماضية.
ويأتي القرار السنوي حظر العمل تحت الشمس كجزء من سياسات المملكة لحماية القوى العاملة وتحسين بيئة العمل، إذ تنسق الوزارة مع المجلس الوطني للسلامة والصحة المهنية لتنفيذ برامج مشتركة تعزز ثقافة الالتزام وتحد من المخاطر، كما تسعى إلى مواءمة الأنظمة المحلية مع أفضل الممارسات الدولية.
ويهدف هذا التعاون إلى تحقيق بيئة عمل مستدامة تراعي حقوق العمال وتضمن استمرار الأنشطة الاقتصادية في ظروف صحية وآمنة، وهو ما ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تركز على تحسين جودة الحياة ورفع كفاءة سوق العمل.
وشددت الموارد البشرية على أنها ماضية في مواصلة جولاتها التفتيشية حتى نهاية فترة تطبيق القرار في منتصف سبتمبر، مؤكدة أنها لن تتهاون مع أي تجاوز يعرض صحة وسلامة العاملين للخطر، وأن العقوبات المقررة ستطبق بصرامة لضمان التزام كامل من جانب أصحاب الأعمال.
وأضافت أن الوزارة تتيح قنوات متعددة لتلقي البلاغات من خلال الرقم الموحد والتطبيق الإلكتروني، بحيث يمكن لأي شخص رصد مخالفة أن يتواصل مباشرة مع الجهات المختصة، مما يضمن سرعة الاستجابة ومعالجة الحالات في وقت قصير.
وبينت أن التفاعل المجتمعي مع هذه القنوات يعكس وعيًا متناميًا بأهمية سلامة العمال، كما يظهر حرص المواطنين والمقيمين على المساهمة في دعم الجهود الرسمية لحماية حقوق الإنسان في بيئة العمل.
وتؤكد الوزارة أن التزام المنشآت بالقرار لا يعد فقط واجبًا قانونيًا بل هو أيضًا مسؤولية اجتماعية تعكس صورة إيجابية عن سوق العمل في المملكة، وتدعم التوجه نحو بيئة إنتاجية آمنة تحترم العامل وتوفر له ظروف عمل إنسانية.
ومن خلال هذه الجهود المتكاملة بين الرقابة والتوعية والتعاون المجتمعي، نجحت وزارة الموارد البشرية في تعزيز مستوى الالتزام وتخفيف حجم المخاطر، ما يجعل قرار حظر العمل تحت الشمس واحدًا من أبرز القرارات الوقائية التي تنفذ سنويًا وتحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع.
وبذلك يتضح أن القرار لم يعد مجرد إجراء تنظيمي بل تحول إلى ثقافة مجتمعية تشارك في ترسيخها المؤسسات الحكومية وأصحاب الأعمال والمواطنون على حد سواء، الأمر الذي يعكس مدى التقدم الذي حققته المملكة في مجال حماية القوى العاملة وتطوير بيئة العمل بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية.