تمكّن مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالخبر من إنقاذ حياة الطفلة خديجة التي ولدت في الأسبوع الثاني والعشرين من الحمل بوزن لم يتجاوز خمسمائة جرام، في واحدة من أندر الحالات الطبية وأكثرها تعقيداً التي واجهها الأطباء في قسم الأطفال والخدج.
إقرأ ايضاً:مهلة 20 يوم تفصل "المنشأة المخالفة" عن التفتيش.. "مدد" تفعل برنامج حماية الأجور"الأرصاد" تحسم الجدل حول "مقطع الـ45 يومًا".. الحقيقة الكاملة لما ينتظر المملكة!
بدأت القصة عند ولادة الطفلة ببطن منتفخة وأعراض حادة دفعت الفريق الطبي إلى إجراء فحوصات عاجلة، حيث كان الاعتقاد الأولي أنها تعاني من التهاب معوي شائع لدى الخدج، إلا أن النتائج كشفت عن مشكلة أكبر بكثير.
فقد بيّنت الفحوصات وجود عيب خلقي نادر يتمثل في فتق داخلي بالأمعاء والأوعية الدموية المغذية لها، الأمر الذي أدى إلى انسداد معوي واختناق الأنسجة وصولاً إلى حدوث ثقب بالأمعاء.
هذا التشخيص وضع الفريق الطبي أمام تحدٍ مصيري، إذ إن وزن الطفلة الضئيل وعمرها المبكر جعلا التعامل مع حالتها في غاية الصعوبة، خصوصاً في ما يتعلق بعملية التخدير وإجراء التدخل الجراحي.
الدكتورة فاطمة المبيوق، استشارية جراحة الأطفال والخدج والمناظير ورئيسة الفريق الطبي، أكدت أن الحالة استدعت دراسة معمقة ووضع خطة علاجية دقيقة لتفادي أي مضاعفات إضافية قد تكون قاتلة.
وبناءً على هذه المعطيات، قرر الأطباء التدخل الجراحي الفوري كخيار لا بديل عنه لإنقاذ حياة الطفلة، بعد أن اتضح أن أي تأخير سيضاعف المخاطر ويقلص فرص النجاة.
دخلت خديجة غرفة العمليات حيث أجريت لها جراحة دقيقة استمرت قرابة الساعتين، وسط استعدادات مكثفة من مختلف الفرق الطبية المشاركة.
تمكن الجراحون من استئصال الجزء المتضرر من الأمعاء والذي بلغ طوله حوالي خمسة عشر سنتيمتراً، ثم أجروا إصلاحاً للفتق الخلقي في غشاء المساريق لتفادي تكرار المشكلة مستقبلاً.
عقب العملية، نُقلت الطفلة إلى وحدة العناية المركزة للخدج وهي بمؤشرات حيوية مستقرة، لتبدأ رحلة طويلة من المتابعة الطبية الدقيقة استمرت أربعة أشهر كاملة.
خلال هذه الفترة الحاسمة، لعبت فرق العناية المركزة دوراً محورياً في الحفاظ على استقرار حالتها، عبر رعاية متواصلة ودقيقة ساعدتها على تجاوز مرحلة الخطر تدريجياً.
ومع مرور الوقت، ارتفع وزن الطفلة شيئاً فشيئاً حتى وصل إلى كيلوغرامين، وهو ما مثّل مؤشراً إيجابياً على تحسن حالتها واستقرارها الصحي.
في نهاية المطاف، تمكنت خديجة من مغادرة المستشفى بحالة صحية جيدة، وسط فرحة أسرتها واعتزاز الطاقم الطبي بالنجاح الذي تحقق بفضل الله ثم بجهودهم.
الدكتورة المبيوق وصفت العملية بأنها معقدة ونادرة للغاية، مؤكدة أن إصابة حديثي الولادة بمثل هذا الفتق الداخلي أمر غير مألوف في الممارسة الطبية.
وأشادت بمهارة فريق التخدير الذي واجه تحدياً كبيراً في التعامل مع طفلة بهذا الوزن الصغير، إلى جانب براعة فريق العناية المركزة الذي كان له دور حاسم في تعافيها.
كما أكدت أن نجاح العملية يعكس الإمكانيات المتقدمة التي يتمتع بها المستشفى سواء من ناحية التجهيزات الطبية الحديثة أو الكوادر البشرية المؤهلة.
ورأت أن تكامل التخصصات المختلفة داخل المستشفى ساهم في إخراج هذه العملية بالنجاح المطلوب، في مثال واضح على قوة العمل الجماعي الطبي.
نجاح هذه الحالة النادرة اعتُبر إنجازاً طبياً وإنسانياً يعكس مدى تطور القطاع الصحي في المملكة وقدرته على مواجهة التحديات الطبية المعقدة.
لتصبح قصة خديجة مثالاً حيّاً على قدرة الكوادر الطبية السعودية على إنقاذ الأرواح، وبارقة أمل لأسر الأطفال الخدج في أصعب الظروف الصحية.