يحلّ غدًا الاثنين الاعتدال الخريفي في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، حيث تتعامد الشمس على خط الاستواء في مشهد فلكي متكرر كل عام، يتساوى خلاله طول الليل والنهار تقريبًا، ليعلن رسميًا دخول فصل الخريف الذي يستمر حتى الثاني والعشرين من ديسمبر المقبل موعد الانقلاب الشتوي.
إقرأ ايضاً:مهلة 20 يوم تفصل "المنشأة المخالفة" عن التفتيش.. "مدد" تفعل برنامج حماية الأجور"الأرصاد" تحسم الجدل حول "مقطع الـ45 يومًا".. الحقيقة الكاملة لما ينتظر المملكة!
ويؤكد الفلكيون أن هذه الظاهرة لا ترتبط مباشرة بانخفاض درجات الحرارة، بل تمثل إشارة لبدء مرحلة انتقالية بين حر الصيف وبرودة الشتاء، وهي مرحلة يتدرج فيها الطقس نحو اعتدال أوضح مع تقدم الأسابيع.
وأوضح عضو جمعية آفاق لعلوم الفلك برجس الفليح أن التغيرات المناخية الملموسة تبدأ بالظهور عادة في نوفمبر، حيث تنخفض درجات الحرارة بشكل ملحوظ وتزداد الأجواء برودة مع ساعات الليل.
وأشار إلى أن فصل الخريف يمثل موسمًا انتقاليًا بالغ الأهمية، إذ يودع الناس خلاله حرارة الصيف اللاهبة تدريجيًا، في الوقت الذي تتهيأ فيه الطبيعة لاستقبال برودة الشتاء القارس.
وتتسم هذه الفترة بخصائص مناخية مميزة أبرزها تقلبات الطقس السريعة، حيث تختلف درجات الحرارة بين النهار والليل بشكل واضح، ما يجعل الخريف فصلًا متقلبًا وصعب التنبؤ.
ومن أبرز سمات الخريف أيضًا تزايد فرص تشكّل السحب الركامية الرعدية، وحدوث حالات من عدم الاستقرار الجوي، خصوصًا فوق منطقة الخليج العربي التي تتأثر بأنظمة ضغط مختلفة في هذا الوقت من العام.
ويولي خبراء الأرصاد الجوية أهمية خاصة لمتابعة هذه المرحلة، لما تحمله من تغيرات سريعة قد تؤثر على الحياة اليومية والأنشطة الاقتصادية والزراعية في المنطقة.
كما يُنظر إلى الاعتدال الخريفي كعلامة من علامات دقة النظام الكوني وانتظام حركة الأرض حول الشمس، وهو حدث يعكس روعة التوازن الطبيعي في دورة الفصول.
ومن الناحية الزراعية، ارتبط الاعتدال الخريفي منذ القدم ببدء مواسم الحصاد في حضارات عديدة، حيث كان يمثل موعدًا مفصليًا للفلاحين لتنظيم أعمالهم الزراعية وفقًا لدورة الطبيعة.
ولطالما احتفى الإنسان بهذه اللحظة باعتبارها رمزًا للتوازن بين الليل والنهار، وما تحمله من دلالات مرتبطة بالخصوبة والحياة المتجددة.
في الثقافات القديمة، كان الاعتدال الخريفي يُجسّد مناسبة احتفالية تتنوع طقوسها بين تقديم القرابين وشكر الأرض على عطائها، إلى جانب الاستعداد لمواجهة برد الشتاء الطويل.
أما اليوم، فيبقى هذا الحدث محط اهتمام الفلكيين والمهتمين بالطبيعة، حيث يشكّل فرصة للتأمل في النظام الكوني والارتباط بدورات الأرض.
وتعكس هذه الظاهرة كيف أن الكون يسير وفق قوانين دقيقة، تجعل من تعاقب الفصول نظامًا محكمًا لا يختل، ومنح الإنسان عبر التاريخ القدرة على ضبط تقاويمه وحياته الزراعية.
ويرى المتابعون أن الخريف يشكل جسرًا بين حرارة الصيف المعتادة في المملكة ودخول أجواء أبرد تدريجيًا، وهو ما يتضح بشكل أكبر مع نهاية أكتوبر وبداية نوفمبر.
كما أن التحولات المناخية المرتبطة بالخريف تحمل آثارًا مباشرة على الحياة اليومية، مثل تقلبات الملابس بين الخفيفة والثقيلة، والتأثر بانتشار أمراض موسمية كالزكام والإنفلونزا.
ومن جانب آخر، يمنح الخريف الطبيعة لوحات ساحرة بألوانه المتنوعة، مع تساقط أوراق الأشجار وتبدل المشاهد الطبيعية، وهو ما يضفي بعدًا جماليًا خاصًا لهذا الفصل.
وتبقى هذه المرحلة من العام فرصة للتأمل في قدرة الطبيعة على التجدد المستمر، حيث تتكامل الفصول لتشكل دورة حياة متوازنة تعكس انسجام الكون.
ومع حلول الاعتدال الخريفي غدًا، تبدأ رحلة جديدة بين الفصول، رحلة يختلط فيها الاعتدال بالمفاجآت المناخية، ليظل الخريف فصلًا يحمل في طياته رمزية الانتقال والتجدد.