طوّرت شركة آبل تطبيقًا داخليًا جديدًا يشبه إلى حد كبير تجربة ChatGPT، وذلك بغرض اختبار نسخة مطوّرة من مساعدها الصوتي “سيري”، الذي من المتوقع أن يتم الكشف عنه مطلع مارس المقبل بعد سلسلة من التأجيلات التي أخّرت إطلاقه.
إقرأ ايضاً:مهلة 20 يوم تفصل "المنشأة المخالفة" عن التفتيش.. "مدد" تفعل برنامج حماية الأجور"الأرصاد" تحسم الجدل حول "مقطع الـ45 يومًا".. الحقيقة الكاملة لما ينتظر المملكة!
التطبيق الذي اختارت له الشركة اسمًا رمزيًا هو “Veritas”، أي الحقيقة باللاتينية، لا يزال مخصصًا للاستخدام الداخلي فقط، حيث يتيح لمهندسي آبل تجربة المزايا الجديدة بشكل عملي وجمع الملاحظات حول فعاليتها ومستوى رضا المستخدمين داخل الشركة.
وتتضمن المزايا التي يعمل عليها الفريق تطوير قدرة “سيري” على البحث في البيانات الشخصية للمستخدم مثل الأغاني ورسائل البريد الإلكتروني، إضافة إلى تنفيذ أوامر داخل التطبيقات المختلفة بما في ذلك تحرير الصور بطريقة مباشرة وسريعة.
كما يتيح التطبيق لمختبريه إدارة محادثات متعددة في وقت واحد، والعودة إلى استفسارات سابقة، والدخول في حوارات متسلسلة، وهي خصائص تضعه في منافسة مباشرة مع أشهر روبوتات الدردشة المنتشرة حاليًا.
التحرك الجديد من آبل يأتي في إطار تعزيز حضورها في سباق الذكاء الاصطناعي، حيث طوّرت نظامًا يدعى “Linwood” يعتمد على النماذج اللغوية الكبيرة، مستفيدة من خبراتها الداخلية ومن تعاونها مع شركاء خارجيين في هذا المجال.
وكشفت تقارير أن الشركة كانت قد أجرت محادثات مع OpenAI وشركة Anthropic للاستفادة من نماذجها، غير أنها ركّزت مؤخرًا على مفاوضات متقدمة مع جوجل لاستخدام نسخة معدلة من منصة Gemini.
التغييرات المرتقبة لن تقتصر على القدرات الوظيفية فحسب، إذ تخطط آبل لإطلاق تصميم بصري جديد لمساعدها الصوتي بنهاية العام المقبل، في خطوة تهدف إلى تحسين تجربة الاستخدام وإضفاء مزيد من الحداثة على سيري.
كما تستهدف الشركة توسيع نطاق اعتمادها على الذكاء الاصطناعي ليشمل أجهزة المنزل الذكية مثل HomePod وApple TV، مع تعزيز إمكانات البحث عبر الإنترنت بشكل أكثر سلاسة وذكاء.
تيم كوك الرئيس التنفيذي للشركة شدد خلال اجتماع داخلي على أن الذكاء الاصطناعي يمثل “أكبر تحول خلال عقود”، لافتًا إلى أن آبل مطالبة بالريادة في هذا المسار لضمان مكانتها التنافسية في السوق العالمية.
ورغم ما يقدمه التطبيق الجديد من مزايا مبتكرة، فإن آبل لا تعتزم إتاحته للجمهور، حيث أكدت أن “Veritas” ليس موجهًا للمستهلكين في الوقت الراهن بل هو أداة للتجربة والتطوير.
التأجيلات السابقة في إطلاق التحديث الكبير لسيري انعكست على استراتيجية آبل الداخلية، حيث اضطرت الشركة إلى إعادة هيكلة فرقها، وأدى ذلك إلى تغييرات إدارية وتنحي بعض كبار المسؤولين عن مواقعهم.
هذا الارتباك ساهم في رحيل عدد من موظفي آبل المميزين إلى شركات منافسة تعمل في ميدان الذكاء الاصطناعي، ما شكل تحديًا إضافيًا أمام الشركة الساعية للحاق بسباق الابتكار المحموم.
ورغم هذه العثرات، تواصل آبل تطوير نسخة أكثر تطورًا وذكاءً من مساعدها الصوتي، مدفوعة بإيمانها بأن المنافسة المقبلة في سوق الهواتف الذكية ستُحسم بمدى كفاءة حلول الذكاء الاصطناعي المدمجة.
المراقبون يرون أن المنافسة مع جوجل وسامسونج لن تكون سهلة، خاصة مع تقدم الشركتين في إدماج الذكاء الاصطناعي في هواتفهما ومنتجاتهما، إلا أن قوة آبل تكمن في تكامل منظومتها وولاء مستخدميها.
إطلاق “سيري” الجديد سيكون اختبارًا حقيقيًا لقدرة آبل على استعادة ثقة الأسواق بعد سنوات من الانتقادات حول تأخرها في مجال الذكاء الاصطناعي مقارنة بمنافسيها المباشرين.
كما أن دخول آبل بقوة إلى هذا الميدان من شأنه أن يعيد تشكيل خريطة المنافسة ويؤثر في اتجاهات الشركات الأخرى التي تسعى لتثبيت مكانتها في السوق.
ويتوقع محللون أن يشكل العام المقبل نقطة تحول جوهرية في قرارات شراء الهواتف الذكية، حيث ستصبح قدرات المساعدين الذكيين والذكاء الاصطناعي عاملًا حاسمًا لا يقل أهمية عن التصميم أو الأداء.
ويظل السؤال الأبرز هو ما إذا كانت آبل قادرة على تحويل “سيري” من مساعد صوتي محدود القدرات إلى أداة ذكية متعددة الاستخدامات قادرة على منافسة جوجل أسيستنت وسامسونج بكسبي في عالم يتسارع فيه الذكاء الاصطناعي بشكل غير مسبوق.
في كل الأحوال فإن الأشهر القليلة المقبلة ستكون حاسمة، إذ سيتضح خلالها إن كانت آبل قادرة على تحقيق قفزة نوعية تعيدها إلى صدارة الابتكار التكنولوجي العالمي أم ستبقى في موقع المتأخر عن المنافسين.