أكد استشاري أمراض السكري وطب الأسرة الدكتور يوسف آل زاهب، أن مرض السكري لا يبدأ بمضاعفاته بعد التشخيص كما يظن البعض، بل تمتد جذوره إلى سنوات تسبق اكتشافه، حيث تتسلل آثاره الصامتة تدريجيًا داخل الجسم دون أعراض واضحة.
إقرأ ايضاً:مهلة 20 يوم تفصل "المنشأة المخالفة" عن التفتيش.. "مدد" تفعل برنامج حماية الأجور"الأرصاد" تحسم الجدل حول "مقطع الـ45 يومًا".. الحقيقة الكاملة لما ينتظر المملكة!
وأوضح الدكتور آل زاهب أن ما يُعرف بالمضاعفات الصامتة يمثل مرحلة خطيرة يمر بها كثير من المصابين دون إدراك، إذ تبدأ خلالها ترسبات الدهون بالتشكل داخل شرايين القلب، ما يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والمشكلات القلبية المزمنة.
وبيّن أن هذه الترسبات لا تُكتشف غالبًا إلا بعد سنوات من الإصابة الفعلية، مما يجعل الكشف المبكر والفحص الدوري أمرين ضروريين لكل من لديهم عوامل خطر مثل السمنة أو التاريخ العائلي مع السكري.
وأضاف أن الكلى تعد من أكثر الأعضاء تأثرًا بتلك المضاعفات الصامتة، حيث تبدأ في فقدان قدرتها التدريجية على تنقية الدم، مما يؤدي مع الوقت إلى الفشل الكلوي إذا لم يتم التحكم في مستويات السكر.
كما أشار إلى أن الأعصاب الطرفية تتعرض هي الأخرى للتلف البطيء نتيجة ارتفاع السكر المستمر، وهو ما يسبب ضعف الإحساس بالأطراف وآلامًا مزمنة وصعوبة في التئام الجروح.
وأوضح أن شبكية العين تتأثر كذلك بتلك المرحلة الصامتة، إذ تؤدي التغيرات الدقيقة في الأوعية الدموية إلى ضعف البصر وربما فقدانه إذا لم تتم المتابعة الطبية الدورية.
وشدد الدكتور آل زاهب على أن الكشف المبكر لا يقل أهمية عن العلاج نفسه، لأنه يتيح التدخل في الوقت المناسب لمنع تحوّل ما قبل السكري إلى سكري فعلي.
وأشار إلى أن مرحلة ما قبل السكري تعد فرصة ذهبية للتدخل الوقائي، حيث يمكن من خلالها إعادة الجسم إلى توازنه الطبيعي عبر تعديلات بسيطة في نمط الحياة.
وبيّن أن تغيير النظام الغذائي وممارسة النشاط البدني بانتظام يسهمان في خفض معدلات السكر وتحسين استجابة الجسم للأنسولين.
وأكد أن المتابعة المستمرة مع الطبيب المتخصص تساعد في مراقبة المؤشرات الحيوية المهمة، مثل ضغط الدم ومستوى الكوليسترول ووظائف الكلى.
وأوضح أن تجاهل هذه المؤشرات يؤدي إلى تراكم الأضرار دون أعراض تُذكر، حتى تظهر المضاعفات في مراحل متقدمة يصعب علاجها.
وأشار إلى أن التوعية المجتمعية تمثل ركيزة أساسية للحد من انتشار المرض، خصوصًا في المجتمعات التي ترتفع فيها معدلات السمنة والخمول.
وبيّن أن كثيرًا من الحالات يمكن تجنبها عبر الكشف المبكر والفحص السنوي لمستوى السكر التراكمي، خاصة لمن تجاوزوا سن الأربعين.
وأضاف أن استخدام تقنيات الفحص الحديثة يسهّل اكتشاف التغيرات المبكرة في الأوعية والأعصاب قبل تطورها إلى مضاعفات خطيرة.
وأكد أن الالتزام بالعلاج والمتابعة الدقيقة يضمنان السيطرة على المرض وتقليل مخاطره على المدى الطويل.
ودعا في ختام حديثه إلى تبني نمط حياة صحي يعتمد على التوازن الغذائي والنشاط البدني المنتظم وتقليل الضغوط النفسية.
كما شدد على أهمية دور الأسرة في دعم المريض نفسيًا وتحفيزه على الالتزام بالعلاج والمتابعة الطبية المستمرة.
واختتم بالتأكيد على أن السكري ليس نهاية الطريق، بل يمكن التعايش معه بوعي وانضباط لتفادي المضاعفات الصامتة التي تسبق التشخيص بسنوات.