في ليلة استثنائية من ليالي مزاد نادي الصقور السعودي 2025، شهد مقر النادي في مَلهم شمال مدينة الرياض تسجيل رقم قياسي جديد بعد بيع أغلى صقر حتى الآن في المزاد بقيمة 360 ألف ريال، ما يعكس تنامي الحضور والمنافسة بين الصقارين والطواريح في هذه الفعالية التراثية ذات الطابع الاقتصادي.
إقرأ ايضاً:المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين أفضل ست جهات حكومية.. تفاصيل غير معلنة عن المبادنادي الهلال يتلقى صدمة مدوية قبل موقعة السد.. إنزاجي في ورطة بسبب غياب مفاجئ
المزاد، الذي يتزامن مع موسم الطرح السنوي للصقور في المملكة، شهد مبيعات إجمالية بلغت 461 ألف ريال لصقرين فقط، مما يبرز القيمة المتزايدة لهذه الفعالية السنوية وأهميتها في سوق الصقور المحلي.
الصقر الأول الذي أشعل حماس الحاضرين كان شاهين فرخ طرح الحدود الشمالية (أم خنصر)، والمملوك للطواريح سعد حصين العنزي، وتركي لافي العنزي، وعويد رقاص العنزي، وبدأت المزايدة عليه من 150 ألف ريال قبل أن يُباع بمبلغ قياسي بلغ 360 ألف ريال.
هذا الصقر لم يكن مجرد طير طرح، بل حمل معه قصة موقعه وطبيعة صيده، ما ساهم في رفع سعره وسط تنافس كبير من المهتمين، ليحصد لقب الأغلى في مزاد هذا العام حتى اللحظة.
أما الصقر الثاني فكان شاهين فرخ طرح الجبيل، وقدمه الطواريح عثمان وشجاع وكبيسي الكبيسي، وبيع بمبلغ 101 ألف ريال، مؤكّدًا مكانة صقور الجبيل بين النخبة المعروضة في المزاد.
يُقام هذا المزاد خلال فترة موسم الطرح الممتدة من 1 أكتوبر حتى 30 نوفمبر، ويقتصر حصريًا على صقور فرخ الشاهين البحري المهاجر، في خطوة للحفاظ على استدامة الأنواع الأخرى مثل الشاهين القرناس والصقر الحر.
هذا التوجه البيئي ينسجم مع سياسات نادي الصقور السعودي الهادفة لحماية التنوع البيولوجي وضمان عدم الإخلال بتوازن الطبيعة، مع الإبقاء على متعة وهواية الصقارة وفق معايير علمية ومنظمة.
إلى جانب المبيعات، يقدّم النادي حزمة واسعة من التسهيلات التي تسهم في جذب الطواريح من مختلف مناطق المملكة، وتشمل النقل والسكن وتوثيق عمليات البيع بشكل رسمي.
كما يتم بث فعاليات المزاد مباشرة عبر القنوات التلفزيونية ومنصات التواصل الاجتماعي، مما يمنح الحدث انتشارًا إعلاميًا واسعًا ويعزز من حضور الصقارة في المشهد الثقافي السعودي.
وفي نهاية كل ليلة من ليالي المزاد، يُكرّم الطواريح الفائزون بجوائز تحفيزية، في مبادرة تهدف إلى دعم استمرارية هذه الهواية، وتحويلها إلى نشاط اقتصادي حيوي يعود بالنفع على الأفراد والمجتمعات المحلية.
هذا المزاد لم يعد مجرد مناسبة لبيع الصقور، بل تحوّل إلى حدث وطني يرسّخ الهوية الثقافية، وينقل إرث الصقارة من الأجيال القديمة إلى الجيل الجديد في قالب احترافي ومنظم.
وتسهم هذه الفعاليات في دعم الاقتصاد المحلي، عبر توفير فرص ربحية للمشاركين من الطواريح والصقارين، إلى جانب تنشيط قطاعات فرعية مثل السياحة والنقل والإعلام والتجارة.
نادي الصقور السعودي، منذ تأسيسه، يعمل على تحويل موروث الصقارة من مجرد هواية إلى منظومة متكاملة تجمع بين الأصالة والتنمية، وتستثمر في الثقافة لخدمة أهداف المملكة المستقبلية.
الاهتمام المتزايد بالمزاد وارتفاع الأسعار يدل على وعي اقتصادي متنامٍ بين الصقارين والمشترين، الذين أصبحوا يدركون قيمة الصقر النادر في السوق المحلي والدولي.
وتأتي هذه الفعالية في إطار الجهود الأوسع لتعزيز الحضور الثقافي للمملكة على المستويين الإقليمي والعالمي، ضمن مسار مستدام يحافظ على البيئة ويعزز التراث الوطني.
مع استمرار المزاد حتى نهاية نوفمبر، يُتوقع تسجيل أرقام قياسية جديدة، وسط إقبال متزايد من الطواريح والمزايدين، في موسم يبدو واعدًا ومثيرًا على كافة المستويات.
وتبقى مزادات الصقور واحدة من أبرز الفعاليات التي تجمع بين الشغف والاقتصاد والثقافة، وتُظهر كيف يمكن لموروث أصيل أن يتحول إلى قصة نجاح وطنية متكاملة.