أطلق المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية برنامجًا وطنيًا جديدًا بالتعاون مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، يهدف إلى حماية البحار السعودية من الأنواع البحرية غير الأصيلة والغازية، في خطوة تُعدّ الأولى من نوعها لتعزيز الأمن الأحيائي في البحر الأحمر والخليج العربي.
إقرأ ايضاً:"اتحاد كأس الخليج العربي لكرة القدم" يحدد موعداً مهماً.. هذا ما يحدث في نوفمبر"الدكتور خالد النمر" يطلق تحذيراً صارخاً.. هذا ما يحدث لجسمك عند الإفراط في الملح
ويأتي هذا البرنامج كجزء من جهود المملكة المتواصلة للحفاظ على التنوع البيولوجي البحري، من خلال نهج علمي دقيق يستند إلى أحدث التقنيات في الرصد والتحليل البيئي، بما يتماشى مع أهداف رؤية السعودية 2030 ومبادرة السعودية الخضراء.
ويُعتبر البرنامج أول مبادرة وطنية متكاملة لإنشاء قاعدة بيانات شاملة ترصد الأنواع البحرية الدخيلة، وتتابع انتشارها وتأثيرها على النظم البيئية المحلية، مما يُسهم في توجيه سياسات الحماية على أسس علمية.
ويعتمد المشروع على تقنيات بحثية متقدمة مثل البصمة الوراثية (DNA Barcoding)، إلى جانب تحليل أنماط الملاحة البحرية، وهو ما يُتيح فهماً أعمق لحركة الأنواع وانتشارها عبر الممرات البحرية.
وأظهرت النتائج الأولية أن البحار السعودية تواجه تحديًا بيئيًا متزايدًا، بعد اكتشاف مئات الأنواع الدخيلة المحتملة، من بينها 181 نوعًا في البحر الأحمر و168 نوعًا في الخليج العربي، خاصة في المناطق القريبة من الموانئ والمنشآت الساحلية.
هذا التوزع المكثف للأنواع الغازية في مناطق النشاط البشري يسلط الضوء على أهمية رفع كفاءة المراقبة والتخطيط البيئي، للحد من مخاطرها على السلسلة الغذائية والتوازن البيئي البحري.
كما أسهم البرنامج في تأسيس أول مكتبة للبصمة الوراثية للأنواع البحرية غير الأصيلة في المنطقة، لتكون مرجعًا علميًا يساعد في الكشف السريع عن الكائنات الدخيلة والحد من انتشارها قبل أن تتحول إلى تهديد بيئي واسع.
وتُعدّ هذه المكتبة إنجازًا علميًا يفتح آفاقًا جديدة أمام الباحثين وصناع القرار، عبر تمكينهم من تحليل البيانات بدقة، ووضع استراتيجيات استباقية لمواجهة الأخطار البيولوجية البحرية.
وأكد المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية أن المرحلة الأولى من البرنامج أسست لقاعدة علمية وطنية متينة، تمهد لإطلاق الإطار الوطني للأمن الأحيائي البحري الذي سيُعنى بالوقاية والإدارة المتكاملة للأنواع الغازية.
وسيتم من خلال هذا الإطار تطوير منظومة وطنية تشمل أدوات للرصد المبكر، وخططًا للاستجابة السريعة، وأنظمة إنذار بيئي تعتمد على البيانات الجزيئية والتحليل التنبئي.
ويعمل المركز حاليًا على إعداد "حقيبة وطنية للأمن الأحيائي البحري" تتضمن حلولاً تقنية متقدمة، ومواد توعوية موجهة للمجتمع والجهات المعنية، بهدف بناء وعي بيئي شامل ومستدام.
ومن المقرر أن تشمل الحقيبة نماذج تنبؤية مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتقدير المخاطر المحتملة، إلى جانب برامج تدريب وتأهيل للكوادر الوطنية في مجالات الرصد والتحليل الأحيائي.
وفي تصريح رسمي، قال الرئيس التنفيذي للمركز الدكتور محمد علي قربان إن البرنامج يعكس التزام المملكة بتعزيز البحث العلمي التطبيقي لخدمة حماية البيئة البحرية وتنمية الموارد الطبيعية.
وأشار إلى أن التعاون مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية يُعد نموذجًا للشراكة الفاعلة بين المؤسسات الأكاديمية والهيئات البيئية لتحقيق التنمية المستدامة القائمة على المعرفة.
وأكد قربان أن هذا البرنامج يُجسد رؤية المملكة في الموازنة بين التقدم الاقتصادي والحفاظ على البيئة، بما يضمن استدامة الموارد البحرية للأجيال المقبلة.
كما أوضح أن الخطط المستقبلية ستركز على توسيع نطاق الدراسات لتشمل مناطق جديدة من السواحل السعودية، ودعم قدرات المراقبة الوطنية من خلال تقنيات حديثة وأطر تشريعية محدثة.
ويأتي إطلاق هذا البرنامج في وقت تتزايد فيه التحديات البيئية البحرية عالميًا، مع انتشار الأنواع الغازية نتيجة للتغيرات المناخية وارتفاع النشاط التجاري والملاحي الدولي.
وبذلك تواصل المملكة تعزيز مكانتها الإقليمية والعالمية في مجال حماية الحياة الفطرية، من خلال مبادرات نوعية تسعى لتحقيق التوازن بين التنمية والبيئة ضمن مسار التحول الوطني الشامل.