شهدت أسواق النفط العالمية اليوم ارتفاعًا ملحوظًا في الأسعار بعد سلسلة من التطورات الاقتصادية التي أعادت بعض الثقة إلى المستثمرين، إذ أظهرت المؤشرات الأولية تحسنًا في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وهما أكبر مستهلكين للطاقة في العالم.
إقرأ ايضاً:"المركز الوطني وقاء" يعلن إنجازاً تاريخياً.. منظمة دولية تعترف بخلو المملكة من مرضٍ خطير!"الاحتياطي الفيدرالي" يفاجئ الأسواق.. الدولار يقفز إلى مستويات لم تُسجّل منذ أسابيع!
وجاءت هذه التحركات في الأسعار بعد أن أعلن مسؤولون اقتصاديون من البلدين عن وضع إطار مبدئي لاتفاق تجاري جديد، الأمر الذي أثار تفاؤلًا واسعًا في الأسواق العالمية التي كانت تعاني من اضطراب متزايد في الأسابيع الماضية.
وقد أسهم هذا الانفراج النسبي في تخفيف المخاوف من أن تؤدي الرسوم الجمركية المتبادلة إلى تراجع الطلب العالمي على النفط، وهو ما كان يمثل التهديد الأكبر لقطاع الطاقة خلال الفترة الأخيرة.
في التعاملات المبكرة اليوم، صعدت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار ستة وأربعين سنتًا أي ما نسبته سبعة أعشار في المئة لتصل إلى ستة وستين دولارًا وأربعين سنتًا للبرميل، وهو أعلى مستوى يسجله الخام منذ أكثر من أسبوعين.
كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنسبة بلغت خمسة وسبعين من المئة أي ما يعادل ستة وأربعين سنتًا لتصل إلى واحد وستين دولارًا وستة وتسعين سنتًا للبرميل، في إشارة إلى تحسن ملحوظ في شهية المستثمرين للمخاطرة.
وكان الخامان قد حققا مكاسب قوية في الأسبوع السابق، حيث ارتفع خام برنت بنسبة ثمانية وتسعة أعشار في المئة، بينما قفز خام غرب تكساس الوسيط بنسبة سبعة وسبعة أعشار في المئة، وهي أكبر زيادة أسبوعية منذ أشهر.
ويؤكد محللون أن الارتفاع الحالي يعكس مزيجًا من التفاؤل التجاري والتوقعات بانخفاض المخزونات العالمية، إضافة إلى مؤشرات إيجابية حول نمو الطلب في الأسواق الآسيوية.
ويرى خبراء الطاقة أن الأسواق كانت بحاجة إلى "جرعة ثقة" تعيد التوازن بعد أسابيع من الضبابية التي سببها التوتر التجاري بين واشنطن وبكين، وهو ما تحقق جزئيًا بفضل الاتفاق الإطاري الأخير.
وقال أحد المحللين الاقتصاديين في تصريحات خاصة إن التفاهم بين أكبر اقتصادين في العالم يعطي إشارات إيجابية بأن مرحلة النزاعات التجارية الحادة قد تكون في طريقها إلى الانتهاء.
وأضاف أن هذه التطورات قد تدفع مؤسسات الاستثمار الكبرى إلى إعادة توجيه استثماراتها نحو أسواق السلع والطاقة مجددًا بعد فترة من التردد والترقب.
ويشير مراقبون إلى أن أسعار النفط ما زالت تتأثر بعوامل أخرى من بينها مستويات الإنتاج لدى منظمة أوبك وشركائها، إضافة إلى الضغوط الناجمة عن المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي.
في المقابل، أكدت تقارير دولية أن استمرار تحسن العلاقات التجارية قد ينعكس تدريجيًا على معدلات الطلب، خصوصًا في قطاعات النقل والصناعة والطاقة الكهربائية التي تعد المستهلك الأكبر للنفط.
وترى بعض بيوت الخبرة أن وصول خام برنت إلى مستوى ستة وستين دولارًا للبرميل يمثل نقطة دعم فنية مهمة يمكن أن تمهد لموجة صعود جديدة في حال استمر التفاؤل في الأسواق.
كما يتوقع محللون أن تعمد الدول المنتجة للنفط إلى مراقبة الأسعار عن كثب لتحديد ما إذا كانت هناك حاجة إلى تعديل مستويات الإنتاج أو الإبقاء عليها في نطاقها الحالي.
وتشير مصادر في أوبك إلى أن المنظمة تتابع بحذر التطورات الجيوسياسية والاقتصادية الأخيرة، وأنها قد تصدر توصيات جديدة إذا طرأت تغييرات جوهرية على توازن السوق.
في الوقت نفسه، يعزز استقرار أسعار النفط عند مستوياتها الحالية مداخيل العديد من الدول المنتجة، ما يساهم في دعم موازناتها العامة وخططها التنموية.
ويرى بعض المراقبين أن عودة الأسعار إلى نطاق ما فوق الستين دولارًا للبرميل يمنح أسواق الطاقة دفعة قوية نحو مزيد من الاستقرار بعد فترة طويلة من التقلبات الحادة.
ورغم حالة التفاؤل الحذر التي تسود الأسواق حاليًا، إلا أن محللين يحذرون من أن أي انتكاسة في المحادثات الأمريكية الصينية قد تعيد الضغوط إلى المشهد مجددًا، ما يجعل المرحلة القادمة حاسمة لمستقبل أسعار النفط.
وفي ضوء هذه المعطيات، يبدو أن السوق مقبلة على مرحلة اختبار جديدة، يكون فيها التوازن بين السياسة والاقتصاد هو العامل الحاسم في تحديد مسار أسعار الطاقة خلال الأسابيع المقبلة.