على مساحة تتجاوز خمسة آلاف متر مربع في مدينة سكاكا، برزت مبادرة فريدة حولت مزرعة تقليدية إلى وجهة سياحية ريفية نابضة بالحياة، تستند إلى المكونات الطبيعية والتراث الزراعي الغني لمنطقة الجوف.
إقرأ ايضاً:رابطة الدوري السعودي للمحترفين تكشف عن خطوة استراتيجية لتطوير صحة لاعبي كرة القدم.. تفاصيلالالتزام البيئي يطلق مرحلة جديدة من التعاون مع العُلا.. بنود الاتفاقية تكشف توجه غير مسبوق
وتتميز المزرعة التي تقع شمال سكاكا بمحاذاة موقع نحت الجمل الأثري بمزيج متناغم من الطبيعة والتراث، إذ تم تصميمها لتكون محطة استرخاء واستكشاف للزوار الراغبين في خوض تجربة تعكس روح الريف السعودي.
اعتمدت الفكرة على استثمار الطبيعة المحيطة بالمزرعة، عبر تعزيز المساحات الخضراء بزراعة أنواع متعددة من الحمضيات والنباتات العطرية، لتغدو لوحة زراعية نابضة بالألوان والروائح التي تعبّر عن ثراء بيئة الجوف.
كما جرى توظيف عناصر من البيئة المحلية في التصميم، مثل استخدام جذوع النخيل وعسبها في بناء المرافق وتأثيث الجلسات، ما أضفى على المكان طابعًا أصيلًا يعكس هوية المنطقة الزراعية.
وتكتمل التجربة بوجود جداول مياه صغيرة ونوافير تخلق مشهدًا بصريًا جاذبًا، وتمنح الزائر شعورًا بالسكينة والانسجام مع الطبيعة الريفية المحيطة.
في جانب آخر، أُضيفت إلى الموقع مكونات تراثية بارزة كالسواني القديمة، لتروي للزائرين تاريخ الزراعة التقليدية في الجوف وأهمية الماء في حياة المزارعين.
ويحظى الضيوف في المنتجع بتجربة ضيافة سعودية متكاملة تبدأ بفنجان القهوة العربية المصحوبة بالتمر، في أجواء ريفية تُعيد للأذهان كرم الضيافة النجدي الأصيل.
كما اعتمدت الجهة القائمة على المشروع تصاميم إبداعية للإضاءة، إذ استخدمت جذوع النخيل كأعمدة إنارة تضيف دفئًا بصريًا للمكان خلال ساعات المساء.
ولم تغب اللمسات الجمالية في التفاصيل الصغيرة، حيث زُينت الممرات والمجالس بأحجار الجندل المحلية، التي تعكس هوية المنطقة وتمنحها طابعًا هندسيًا تقليديًا مميزًا.
يمثل هذا المشروع نموذجًا جديدًا في توظيف المزارع الخاصة لتكون وجهات سياحية، وهو ما يتماشى مع توجهات وزارة السياحة لتنويع الخيارات السياحية داخل المملكة.
وتشهد منطقة الجوف خلال أكتوبر أجواءً معتدلة وانخفاضًا في درجات الحرارة، ما يجعلها مثالية للرحلات الريفية والسهرات في الهواء الطلق بين بساتين الزيتون والنخيل.
ويفضل كثير من الأهالي والزوار قضاء أمسياتهم في مثل هذه المزارع، حيث تتناغم نسائم المساء مع عبق النباتات العطرية وصوت المياه المتدفقة في الجداول الصغيرة.
كما تشهد المنطقة حركة متزايدة للسياحة الداخلية، إذ ينجذب الزوار إلى التجارب الريفية التي تجمع بين المتعة والاستجمام والتعرف على التراث الزراعي المحلي.
وتبرز الجوف كواحدة من أغنى المناطق السعودية بالمزارع المنتجة للزيتون والتمور، وهو ما يعزز من جاذبيتها للسياحة الزراعية والبيئية على حد سواء.
وتسعى المشاريع الريفية في المنطقة إلى تحقيق رؤية المملكة 2030 في دعم الاقتصاد المحلي وتنويع مصادر الدخل عبر السياحة المستدامة.
ويشكل هذا التحول نحو السياحة الريفية خطوة مهمة لتشجيع المجتمعات المحلية على استثمار مواردها الزراعية والثقافية في مشاريع ذات طابع سياحي مبتكر.
كما تساهم هذه الوجهات في تعزيز وعي الزوار بأهمية الحفاظ على البيئة والهوية الريفية، من خلال الدمج بين الجمال الطبيعي والتراث الإنساني.
في نهاية المطاف، تُمثل تجربة مزرعة سكاكا نموذجًا حيًا لكيف يمكن للمكان البسيط أن يتحول برؤية مبدعة إلى وجهة سياحية تجمع بين الأصالة والطبيعة والاستدامة.