نشرت جريدة «أم القرى» الرسمية اليوم نص المرسوم الملكي رقم (م/73) الصادر بتاريخ 2 ربيع الآخر 1447هـ، والذي تضمن الموافقة على الأحكام النظامية الجديدة المنظمة للعلاقة بين المؤجر والمستأجر في المملكة، وهي خطوة تشريعية مهمة تهدف إلى ضبط سوق الإيجارات وتحقيق التوازن بين حقوق الطرفين ضمن إطار تنظيمي واضح ومُلزم.
إقرأ ايضاً:تعليم مكة تطلق مهمة خاصة داخل الحرم.. هذه التصاريح الرسمية التي سمحت لهم بالتحرك!الأحوال المدنية توضّح الإجراء الإلكتروني المفاجئ.. خطوة واحدة قد تغيّر اسمك في السجلات!
وجاء صدور المرسوم بعد استكمال الإجراءات النظامية اللازمة، حيث أُعد بناء على مواد النظام الأساسي للحكم ونظام مجلس الوزراء ونظام مجلس الشورى، وذلك بعد دراسة مستفيضة من مجلس الشورى ومجلس الوزراء، وانتهت تلك الإجراءات بالموافقة الملكية التي تمنح هذه الأحكام صفة التنفيذ الملزمة داخل نطاق المملكة.
وتضمنت الأحكام الجديدة تحديد مفهوم “العقار” المشمول بهذه الأنظمة بأنه كل مبنى أو أرض ذات استخدام سكني أو تجاري أو كليهما، إلى جانب تعريف “الأجرة الإجمالية” التي تشمل كافة المبالغ التي يدفعها المستأجر للمؤجر بموجب عقد الإيجار، إضافة إلى تعريف “الهيئة العامة للعقار” باعتبارها الجهة المشرفة على تطبيق هذه الأنظمة ومتابعة تنفيذها.
وأكدت الأحكام على عدم جواز زيادة الأجرة الإجمالية في العقود القائمة أو المستقبلية إلا في حدود ما تسمح به القواعد النظامية، وذلك بهدف حماية المستأجرين من الارتفاعات المفاجئة في الأسعار، وضمان استقرار السوق العقارية في المدن الرئيسة.
كما نصت على أنه في حال كان العقار شاغرًا وسبق تأجيره، فيجب ألا تزيد قيمة أجرته الجديدة على آخر عقد إيجار مبرم، أما العقار الذي لم يسبق تأجيره، فيُحدد أجره وفق الاتفاق بين الطرفين بما يحقق العدالة التعاقدية ويحافظ على توازن المصالح.
ومنحت الأحكام المؤجر الحق في الاعتراض على قيمة الأجرة الإجمالية المحددة إذا كانت هناك مبررات جوهرية مثل إجراء ترميمات إنشائية أو إذا كان آخر عقد إيجار أُبرم قبل عام 2024م، أو أي حالات أخرى يعتمدها مجلس إدارة الهيئة العامة للعقار، على أن يُنظر في الاعتراض وفق ضوابط محددة.
وفي المقابل، قيدت الأحكام حق المؤجر في الامتناع عن تجديد العقد أو إلزام المستأجر بإخلاء العقار إلا في حالات استثنائية مثل تخلف المستأجر عن السداد أو وجود عيوب إنشائية مؤثرة على السلامة أو رغبة المؤجر في استخدام العقار السكني لنفسه أو لأقاربه من الدرجة الأولى.
كما حددت مدة العمل ببعض البنود الأساسية من هذه الأحكام بخمس سنوات من تاريخ نفاذها، وهو ما يعكس رغبة الجهات التنظيمية في تقييم التجربة خلال هذه المدة وقياس أثرها على استقرار القطاع العقاري قبل تعميمها على نطاق أوسع.
وأوضحت الأنظمة أن تطبيق البنود الخاصة بتحديد الأجرة والاعتراض والتجديد يقتصر مبدئيًا على مدينة الرياض، مع إمكانية تعميمها لاحقًا على مدن ومحافظات أخرى بعد دراسة المؤشرات الاقتصادية والعقارية ورفع التوصيات لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية للموافقة عليها.
وشددت الأحكام على ضرورة تسجيل جميع عقود الإيجار في الشبكة الإلكترونية لخدمات الإيجار «إيجار»، إذ يُلزم المؤجر والمستأجر بتسجيل العقد خلال فترة محددة، ويُتاح للطرف الآخر الاعتراض على بيانات العقد خلال 60 يومًا من تاريخ الإبلاغ بالتسجيل.
وفي حال عدم وجود اعتراض خلال المدة المحددة، تعتبر بيانات العقد صحيحة ونافذة، بما يمنع أي نزاعات لاحقة بين الأطراف، ويعزز موثوقية السجلات الرقمية لعقود الإيجار المعتمدة رسميًا في المملكة.
كما نصت الأحكام على أن عقود الإيجار تتجدد تلقائيًا ما لم يُخطر أحد الطرفين الآخر بعدم الرغبة في التجديد قبل 60 يومًا على الأقل من نهاية المدة، باستثناء بعض الحالات الخاصة مثل العقود التي اقتربت من الانتهاء عند سريان النظام أو التي تم الاتفاق على إنهائها بالتراضي.
وأقرت الهيئة العامة للعقار صلاحية تعديل مدة الإشعار المنصوص عليها بما يتناسب مع طبيعة العقد ونوع العقار، بما يوفر مرونة أكبر للطرفين وينسجم مع متطلبات السوق.
وفي ما يخص العقوبات، نصت الأحكام على فرض غرامات مالية تصل إلى ما يعادل الأجرة الإجمالية لمدة 12 شهرًا على من يخالف البنود المتعلقة بتحديد الأجرة أو الامتناع غير المبرر عن التجديد أو عدم التسجيل في منصة «إيجار»، مع إلزام المخالف بتصحيح الوضع.
كما فوضت مجلس إدارة الهيئة بإصدار جدول تفصيلي بالمخالفات والغرامات المقابلة لها وفق درجة جسامة المخالفة وظروفها، بما يضمن العدالة والردع ويعزز التزام جميع الأطراف بأحكام النظام.
وتتولى اللجان المختصة في الهيئة النظر في المخالفات وإصدار العقوبات وفق نظام الوساطة العقارية، ويُحدد الرئيس التنفيذي للهيئة مكافآت أعضاء هذه اللجان بالتنسيق مع وزارة المالية، بما يضمن الحياد والكفاءة في تطبيق العقوبات.
ولتعزيز الرقابة المجتمعية، أقرت الأحكام منح مكافأة مالية بنسبة تصل إلى 20% من الغرامة المحصلة لأي شخص يبلغ عن مخالفة مثبتة تتعلق بالأجرة أو تسجيل العقود أو الإخلاء غير النظامي، في خطوة تشجع على الالتزام والشفافية.
وأكدت الأنظمة أن جميع المسائل التي لم يرد بها نص خاص في هذه الأحكام تُطبق عليها قواعد نظام المعاملات المدنية، كما أجازت لمجلس الوزراء تعديل بنود النظام مستقبلًا بناءً على ما ترفعه الهيئة من تقارير حول التحديات التطبيقية.
ويأتي هذا التنظيم ضمن جهود المملكة لتعزيز البيئة التشريعية للقطاع العقاري بما يتوافق مع أهداف رؤية 2030، عبر ضمان عدالة العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي.
كما يُتوقع أن تسهم هذه الخطوة في الحد من النزاعات العقارية، وتطوير بيئة استثمارية أكثر جاذبية للقطاع السكني والتجاري، من خلال تعزيز الشفافية، وتفعيل الرقابة المؤسسية على سوق الإيجارات في المملكة.