أكدت ريداء العتيبي، قائدة مشروع «تراث-تيك»، أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي أصبح محورًا أساسيًا في حماية المباني التراثية ومراقبتها بشكل مستمر، موضحة أن المشروع يسعى إلى تحقيق توازن فريد بين التكنولوجيا الحديثة والحفاظ على الهوية التاريخية للمملكة.
إقرأ ايضاً:"إيجار" تحسم الجدل حول تعديل الإيجارات.. والنتائج قد تُربك المستأجرين!"وزارة النقل" أمام مطالب متصاعدة.. طريق "المحيلاني – إمباري" يُشعل الغضب مجددًا!
وأوضحت العتيبي خلال مداخلة تلفزيونية على قناة الإخبارية أن المشروع يعتمد على دمج الذكاء الاصطناعي في متابعة حالة المباني التراثية بدقة عالية، بهدف اكتشاف أي تغيرات أو أضرار في مراحلها الأولى قبل أن تتفاقم.
وأشارت إلى أن النظام الذي يتم تطويره ضمن مبادرة «تراث-تيك» يعمل على تحليل البيانات الميدانية والصور ثلاثية الأبعاد للمواقع التاريخية، بما يتيح التنبؤ بالمخاطر المحتملة وتحديد أولويات الصيانة بشكل ذكي.
وبيّنت العتيبي أن المشروع لا يقتصر على المراقبة فحسب، بل يمتد ليشمل تطوير حلول وقائية تحافظ على المباني التراثية من العوامل البيئية مثل الرطوبة والحرارة والتآكل، باستخدام أنظمة استشعار دقيقة تعمل على مدار الساعة.
وأضافت أن هذه التقنية تسهم في تسريع الاستجابة لأي تهديدات قد تطال المواقع التراثية، مشيرة إلى أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يخفف من الحاجة إلى التدخل اليدوي المستمر الذي كان يستغرق وقتًا وجهدًا كبيرين.
كما أكدت أن المشروع في الوقت الراهن يمر بمرحلة جذب المستثمرين الداعمين، بهدف توسيع نطاق العمل وتطبيق التقنيات على أكبر عدد من المواقع التاريخية في مختلف مناطق المملكة.
ولفتت إلى أن «تراث-تيك» يمثل نموذجًا مبتكرًا يجمع بين الحفاظ على التاريخ الوطني والاستفادة من التطور التقني الذي تشهده المملكة ضمن مستهدفات رؤية 2030، خصوصًا في مجالي التحول الرقمي وحماية التراث الثقافي.
وتابعت العتيبي أن فريق العمل يضم نخبة من المهندسين والخبراء في مجالات الذكاء الاصطناعي والعمارة التراثية، ما يمنح المشروع قدرة فريدة على الدمج بين المعرفة التقنية والوعي الجمالي للموروث الثقافي.
وأوضحت أن البيانات التي يتم جمعها من خلال الحساسات الذكية تساعد على رسم خريطة رقمية متكاملة لحالة كل مبنى تراثي، بما يتيح اتخاذ قرارات فورية حول أعمال الترميم أو الصيانة عند الضرورة.
وأشارت إلى أن التقنية الجديدة توفر تقارير تحليلية دقيقة يمكن للجهات المختصة الاطلاع عليها بشكل لحظي، ما يسهم في تعزيز الشفافية وسرعة اتخاذ القرار في مجال حماية التراث.
وأكدت أن المشروع يواكب التوجه العالمي في توظيف الذكاء الاصطناعي لخدمة القطاعات الثقافية، معتبرة أن المملكة تخطو بخطوات ثابتة نحو الريادة في هذا المجال على مستوى الشرق الأوسط.
وأضافت أن حماية التراث ليست مسؤولية الجهات الحكومية فقط، بل هي مسؤولية مشتركة تتطلب مشاركة القطاع الخاص والمجتمع في دعم المبادرات التقنية المبتكرة التي تصون هوية المكان.
وبيّنت العتيبي أن العمل جارٍ حاليًا لتطوير منصة رقمية تفاعلية تتيح للجمهور الاطلاع على حالة المباني التراثية في الوقت الفعلي، مما يعزز الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على المواقع التاريخية.
كما أشارت إلى أن التعاون مع الجامعات والمراكز البحثية يعد أحد ركائز المشروع، من خلال دعم الأبحاث التطبيقية وتدريب الكفاءات الوطنية على استخدام الذكاء الاصطناعي في خدمة التراث.
وأوضحت أن «تراث-تيك» يسعى إلى أن يكون نموذجًا سعوديًا يحتذى به عالميًا في الدمج بين التقنية والثقافة، مؤكدة أن النتائج الأولية للمشروع كانت مشجعة وفتحت آفاقًا جديدة في مجال الحماية الذكية.
وأضافت أن المرحلة المقبلة ستشهد إطلاق مبادرات ميدانية تشمل المدن التاريخية والمباني القديمة المسجلة ضمن قائمة التراث الوطني، مع تطبيق حلول مراقبة رقمية عالية الدقة.
وأكدت في ختام حديثها أن طموح الفريق لا يتوقف عند حماية المباني فقط، بل يمتد إلى خلق منظومة رقمية متكاملة تضمن استدامة التراث السعودي للأجيال القادمة باستخدام أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا.
وختمت العتيبي حديثها بالتأكيد على أن مشروع «تراث-تيك» ليس مجرد فكرة تقنية، بل رؤية متكاملة توحد بين الماضي والمستقبل، وتضع المملكة في مقدمة الدول التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لخدمة التراث الثقافي.