شهدت أسعار الذهب خلال تعاملات اليوم تراجعًا ملحوظًا في مكاسبها، رغم صدور قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، وهو القرار الذي كان من المتوقع أن يمنح الذهب دفعة قوية نحو الصعود، إلا أن تصريحات رئيس المجلس جيروم باول جاءت لتحدّ من هذا الزخم.
إقرأ ايضاً:بعد الفوز على "النصر".. "كونسيساو" يطالب نجوم "الاتحاد" بخطوة غير متوقعة!"رئيس الغذاء والدواء" يعلن عن مشروع ذكي يغيّر قواعد إدارة الأدوية في المملكة!
فقد أشار باول في مؤتمره الصحفي إلى أن مسار السياسة النقدية المستقبلية سيظل مرهونًا ببيانات التضخم وسوق العمل، مؤكدًا أن الفيدرالي لن يتسرع في إجراء مزيد من الخفض ما لم تتأكد مؤشرات الاستقرار الاقتصادي، وهو ما دفع المستثمرين إلى إعادة تقييم رهاناتهم على اتجاه الذهب في المدى القريب.
ورغم القفزة القوية التي سجلها المعدن النفيس في بداية الجلسة بنسبة قاربت 2%، إلا أنه فقد جزءًا كبيرًا من مكاسبه لاحقًا، ليغلق مرتفعًا بنسبة 0.3% فقط عند مستوى 3964.39 دولارًا للأوقية في المعاملات الفورية، بعد أن لامس مستويات قياسية خلال الساعات الأولى من التداول.
كما أنهت العقود الأمريكية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر جلسة اليوم على ارتفاع محدود نسبته 0.4% لتستقر عند 4000.7 دولارًا للأوقية، ما يعكس تردد المستثمرين في الحفاظ على مراكزهم الشرائية وسط ضبابية التوقعات بشأن مسار الفائدة الأمريكية.
ويُنظر إلى الذهب تقليديًا كملاذ آمن يستفيد من بيئات الفائدة المنخفضة، إذ تقل جاذبية العوائد الثابتة، مما يدفع المستثمرين نحو الأصول غير المدرة للفائدة مثل الذهب، لكن تصريحات باول جاءت أكثر تشددًا مما توقعته الأسواق.
وأثارت ملاحظاته حول استمرار الضغوط التضخمية مخاوف من أن الفيدرالي قد يوقف دورة التيسير النقدي مؤقتًا إذا ما أظهرت البيانات القادمة مقاومة الأسعار للانخفاض، وهو ما انعكس سريعًا على حركة المعادن الثمينة.
في المقابل، واصلت الفضة مكاسبها القوية، إذ ارتفعت في المعاملات الفورية بنسبة 1.7% لتصل إلى 47.82 دولارًا للأوقية، مستفيدة من الطلب الصناعي القوي وتراجع الدولار الأمريكي أمام سلة من العملات الرئيسية.
أما البلاتين فقد سجل ارتفاعًا بنسبة 0.6% ليبلغ 1595.81 دولارًا للأوقية، وسط مؤشرات على تحسن الطلب من قطاع السيارات الذي يعتمد عليه المعدن في صناعة المحولات الحفازة.
بينما قفز البلاديوم بنسبة 1.9% مسجلًا 1420.05 دولارًا للأوقية، مدعومًا بتوقعات نقص الإمدادات وتزايد الاهتمام من قبل المستثمرين الباحثين عن تنويع محافظهم.
ويرى محللون أن تراجع الذهب رغم خفض الفائدة يعكس رغبة الأسواق في رؤية خطوات أكثر وضوحًا من الفيدرالي قبل بناء مراكز شراء جديدة، خاصة مع تزايد التوقعات بأن دورة التيسير ستكون أبطأ مما كان يُعتقد.
كما أشار آخرون إلى أن المكاسب القوية السابقة للذهب جعلت بعض المستثمرين يسارعون إلى جني الأرباح فور صدور قرار الفائدة، ما زاد من ضغوط البيع في النصف الثاني من الجلسة.
ورغم التراجع اللحظي، فإن الاتجاه العام للذهب ما زال صعوديًا على المدى الطويل، مدعومًا بتباطؤ الاقتصاد الأمريكي وتزايد احتمالات الركود خلال النصف الأول من العام المقبل.
وتشير التقديرات إلى أن أي مؤشرات ضعف جديدة في سوق العمل الأمريكي قد تعيد الزخم للمعدن النفيس، خاصة إذا دفعت الفيدرالي إلى خفض إضافي في الفائدة قبل نهاية العام.
من جهة أخرى، ساهمت التقلبات في أسواق الأسهم الأمريكية وارتفاع العوائد على السندات قصيرة الأجل في زيادة حالة الحذر لدى المستثمرين، وهو ما جعل الطلب على الذهب يتحرك في نطاق محدود.
ويتوقع محللو "بلومبرغ" أن تستمر الأسعار في التذبذب بين 3900 و4050 دولارًا للأوقية خلال الأسابيع القادمة، بانتظار بيانات التضخم المقبلة التي ستحدد ملامح سياسة الفيدرالي التالية.
في المقابل، يبقى ضعف الدولار عاملًا داعمًا للذهب على المدى المتوسط، إذ يجعل المعدن أكثر جاذبية للمستثمرين من حاملي العملات الأخرى.
ويرجح خبراء الأسواق العالمية أن يعود الذهب للارتفاع مجددًا إذا ما أكد باول في خطاباته المقبلة استعداد الفيدرالي لتوسيع خفض الفائدة في حال تدهورت المؤشرات الاقتصادية.
وبينما يراقب المستثمرون تحركات الذهب بحذر، تظل الأنظار متجهة أيضًا إلى أداء الفضة والبلاتين والبلاديوم، التي تظهر مؤشرات أكثر قوة في هذه المرحلة، ما يعكس تنوع فرص الاستثمار داخل سوق المعادن النفيسة.